متنازعة متناحرة همها الأوحد إرغام خصومها ومعارضيها على اعتناق آرائها بأي وسيلة كانت، وراح بعضهم يصدر أحكاما ويفعل إجراما، يكفرون ويفجرون، ويعيثون في الأرض فسادا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أمة سادت العالم بالإسلام ثم تخلفت عن ركب الحضارة في مجالات شتى، وهي لا تزال بحمد الله تعتنق الإسلام دينا، وتؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا تصاب في المحز بهذا الخطر الداهم، وتبتلى بهذه الفرقة والتناحر والتشتت، ويظهر فيها الغلو في الدين إفراطا وتفريطا، ويصير بأسها بينها شديدا، فتكثر الفتن وتتشعب الآراء.
لعمر الله، إنها مسألة تستوجب التأمل وتستدعي التفكير، فلا بد إذن من وجود خلل، ما هو سبب الخذلان والوهن؟ فأين يكمن هذا الخلل؟
إننا نراه يكمن في سوء فهم المسلمين لعقيدتهم لا في العقيدة نفسها، وانعدام الوسطية التي هي من ثوابت الحياة كما أنها من ثوابت الإسلام. وكمال الدين يكون بالتزام حدوده بلا إفراط أو تفريط.
لا ريب أن أعداء الإسلام كلهم متضافرون على محاربته ومحاربة الأمة الإسلامية وتدميرها، لا تمزيقها، وهذا موقف طبعي لا تناقض فيه، فهذه مصلحتهم وهذا شأنهم.
ولكن ما يصنع هؤلاء كلهم لو كان المسلمون متوسطين ومتحدين؟! ما يفعل جرثوم المرض إذا كان جسم الإنسان سليما؟!