مقدمة البحث إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن موضوع الوسطية في الإسلام اليوم هو موضوع الساعة، وهو في نظري أشد الموضوعات خطورة وأثرا، وأجدرها بالدارس المتأني ذي النفس الطويل؛ ذلك لأن المسلمين اليوم وهم يواجهون مشكلات الحضارة، وتحديات العصر ومعركة البقاء، لا يواجهون ذلك كله، وهم على منهج واحد، كما تواجه الأمم الأخرى هذه التحديات المصيرية، بل هناك مناهج لدينا نشأت من الابتعاد عن المنهج الأمثل، وهو المنهج الحق الذي ارتضاه الله لنا {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153]
وكل ابتعاد عن هذا النهج القويم يولد الفرقة والتناحر والتشتت، وإن مما رزئت به الأمة الإسلامية وأشد ما ابتليت به اليوم قضية الغلو التي عصفت زوابعها في أذهان البسطاء من الأمة وجهالها، والتي افتتن بها أهل الأهواء الذين زاغت قلوبهم عن اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فكانت النتيجة الحتمية أن وقع الاختلاف بين أهل الأهواء وافترقوا إلى فرق