الحقوق الأصلية:

وأما النوع الثاني من الحقوق الشرعية، فهي الحقوق التي ثبتت لأصحابها أصالة، لا على وجه دفع الضرر فقط، ومثل حق القصاص، وحق تمتع الزوج بزوجته بقاء نكاحها معه، وحق الإرث، وما إلى ذلك.

وحكم هذا النوع من الحقوق أنه لا يجوز الاعتياض عنها بطريق البيع، بأن ينتقل به الحق إلى المشتري، فيستحق به ما كان يستحقه البائع، فلا يجوز لولي قتيل أن يبيع حق الاقتصاص إلى رجل آخر، بأن يستحق ذلك الرجل استيفاء القصاص بدله، وكذلك لا يجوز لرجل أن يبيع حق تمتعه بالزوجة إلى غيره ليتمتع هو بها، ولا يجوز لوارث أن يبيع حق إرثه إلى رجل آخر، بحيث يرث هو عوضا عن الوارث الحقيقي. لأن هذه لحقوق إنما أثبتها الشارع لرجل مخصوص بصفة مخصوصة، مهما تنتف هذه الصفة تنعدم الحقوق، فحق القصاص إنما أثبته الشارع لولي المقتول بصفة كونه وليا له، فإذا انتفت الولاية انتفى الحق. وبعبارة أخرى، إن هذه الحقوق لا تقبل الانتقال من واحد إلى آخر شرعا، فلا تباع ولا توهب، ولا تورث، ووراثة حق القصاص ليس وراثة حقيقة، وإنما هو حق يثبت للوارث أصالة عند عدم الولي الأقرب، لا من حيث إنه ينتقل من الولي الأقرب إلى وارثه.

فبما أن الشريعة لا تأذن بنقل هذه الحقوق من واحد إلى آخر، فلا يجوز الاعتياض عنها بطريق البيع والمبادلة، ومأخذ هذا الحكم حديث ابن عمر رضي الله عنهما:

((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته)) (?) .

ولكن هذه الحقوق يجوز الاعتياض عنها بطريق الصلح والتنازل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015