بمال، بمعنى أن المستحق في هذه الحقوق يمسك عن استعمال حقه بمال يطالب به من يتضرر باستعمال ذلك الحق. مثل ولي القتيل إذا استحق القصاص، فإنه يباح له أن يصالح القاتل على مال، وإن هذا المال بدل لإمساك صاحب الحق عن استيفاء حقه، وإنما يبذله القاتل دفعا لضرر الموت عن نفسه، وهذا جائز بنص القرآن والسنة وبإجماع أهل العلم.

وكذلك الزوج له الحق في أن يتمتع بزوجته ببقاء نكاحها معه، ولكنه يمسك عن استعمال هذا الحق بمال تفتدي به المرأة، وهو الخلع والطلاق على مال، وذلك جائز بنص القرآن، وعلى ذلك انعقد الإجماع. وإن هذا الفرق بين الحقوق الضرورية والحقوق الأصلية قد ذكره البيري من الفقهاء الحنفية في شرحه على الأشباه والنظائر (?) وحكاه ابن عابدين رحمه الله ولخصه بقوله: (وحاصله أن ثبوت حق الشفعة للشفيع، وحق القسم للزوجة، وكذلك حق الخيار في النكاح للمخيرة إنما هو لدفع الضرر عن الشفيع والمرأة، وما ثبت لذلك لا يصح الصلح عنه، لأن صاحب الحق لما رضي علم أنه لا يتضرر بذلك، فلا يستحق شيئا. أما حق الموصى له بالخدمة، فليس كذلك، بل ثبت له على وجه البر والصلة، فيكون ثابتا له أصالة، فيصح الصلح عنه إذا نزل عنه لغيره، ومثله ما مر عن الأشباه من حق القصاص والنكاح والرق، حيث صح الاعتياض عنه، لأنه ثابت لصاحبه أصالة، لا على وجه دفع الضرر عن صاحبه) (?) .

ولكن جواز هذا الاعتياض على وجه الصلح إنما يجوز إذا كان هناك حق ثابت قائم كما في حق القصاص وحق بقاء النكاح والرق. أما إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015