شركة الملك، ويصير المال المخلوط مشتركا بينهما، ما صرح به الفقهاء. (?) ومعلوم أن يد الشريك على مال شريكه يد أمانة، فينبغي أن لا يكون ضامنا لما هلك بغير تعد منه. ولكن أصحاب الأموال الذين يودعون أموالهم في البنك لا يرضون أبدا بأن تكون يد البنك على أموالهم يد أمانة، وإنما يقصدون أن تكون هذه الأموال مضمونة عليه. فتبين أنهم لا يقصدون عقد الوديعة إطلاقا، وإنما يقصدون الإقراض. فثبت بهذا أن الودائع المصرفية في البنوك التقليدية، بأنواعها الثلاثة، كلها قروض يقدمها أصحاب الأموال إلى البنك، فتجري عليها جميع أحكام القرض.
هل يجوز إيداع الأموال في البنوك التقليدية؟
وبعد وضوح حقيقة هذه الودائع، وثبوت كونها قروضا، ننتقل إلى السؤال الثاني، وهو هل يجوز للمسلمين أن يودعوا أموالهم في البنوك التقليدية التي تعمل في إطار ربوي؟ أما الودائع الثابتة، وودائع التوفير، فإن البنك يدفع فائدة مضمونة لأصحابها. وبما أن هذه الودائع قروض بلا خلاف، فما تدفعه البنوك زيادة على رأس المال، فإنه ربا صراح لا سبيل إلى جوازه. وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي في ذلك قرارا في دورته الثانية، فمن يتقدم إلى البنك لإيداع أمواله في هذين النوعين فإنه يعقد معه عقد قرض ربوي، وذلك حرام، فلا يجوز لمسلم أن يودع ماله في أحد من هذين النوعين. وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أنه يجوز للمسلم أن يودع أمواله في هذين النوعين، ولكن لا يجوز له أن يستعمل الفوائد الحاصلة منها لصالحه بل يتصدق بها على الفقراء، أو يصرفها في وجوه الخير.