ولكن هذه القاعدة لها مستثنيات كثيرة، وتتلخص في نقطتين فيما يتعلق بموضوعنا:
النقطة الأولى: إذا كان تأثير المسبب أقوى من تأثير المباشر أضيف الحكم إلى المسبب، وهذه القاعدة ليست مذكورة بهذا اللفظ في كتب القواعد الفقهية، ولكنها تستخلص من عدة جزئيات ذكرها الفقهاء في مستثنيات القاعدة الرابعة. فيقول العلامة علي حيدر رحمه الله في شرحه للمجلة (?) : "أما إذا كان السبب مما يفضي مباشرة إلى التلف، فيترتب الحكم على المتسبب، مثال ذلك لو تماسك شخصان، فأمسك أحدهما بلباس الآخر، فسقط منه شيء، كساعة مثلا، فكسرت، فيترتب الضمان على الشخص الذي أمسك بلباس الرجل رغما من كونه متسببا، والرجل الذي سقطت منه الساعة مباشر. لأن المسبب هنا قد أفضى إلى التلف مباشرة، دون أن يتوسط بينهما فعل فاعل آخر".
والمثال الأوضح لذلك ما ذكره الفقهاء الحنفية من أن من أكره إنسانا على قتل الآخر إكراها ملجأ، فالقصاص على المكره (بكسر الراء) دون المكره (بفتح الراء) ، قال الكاساني (?) رحمه الله: (فأما المكره على القتل فإن كان الإكراه تاما، فلا قصاص عليه عند أبي حنيفة ومحمد، ولكن يعزر، ويجب على المكره) . وظاهر أن المكره (بالفتح) هو المباشر للقتل، والمكره لا يعدو