ذكرت عند الكلام على القاعدة الثانية أنه، حفظه الله، قد فرق بين معنيين للتعدي بتمييز دقيق، وأن كلامه في موضوع المباشرة موفق قد أزاح كثيرا من الإشكالات، فجزاه الله تعالى خيرا، ولكن لي مآخذ جوهرية على ما ذكره في موضوع التسبيب، فإنه حفظه الله تعالى ذكر أن التعدي الذي يشترط لتضمين المسبب هو عين التعدي الذي يشترط لتضمين المباشر، وهو التعدي بمعنى المجاوزة إلى ملك الغير أو حقه، سواء كان بفعل مباح في نفسه.
والواقع أنه على ما ذكره الشيخ الزرقاء، حفظه الله تعالى، لا يبقى هناك أي فرق بين المباشر والمسبب، مع أن الفقهاء قاطبة، فرقوا بينهما بأن المباشر يضمن وإن لم يتعد، والمسبب لا يضمن إلا بالتعدي، فالصحيح الذي يتبلور من كلام الفقهاء أن التعدي الذي يشترط لتضمين المسبب هو التعدي بالمعنى الثاني، وهو أن يكون فعله المسبب للضرر محظورا في نفسه، وإن التعدي بهذا المعنى لا يشترط في تضمين المباشر.
القاعدة الرابعة: إذا اجتمع المباشر والمسبب، أضيف الحكم إلى المباشر:
هذه القاعدة ذكرها ابن نجيم (?) بهذا اللفظ وقد أخذت في مجلة الأحكام العدلية (مادة90) من الأشباه وشرحها ابن نجيم بقوله: (فلا ضمان على حافر البئر تعديا بما أتلف بإلقاء غيره) . فهنا حافر البئر مسبب، والذي ألقى الشيء فيها مباشر، فيقدم المباشر على المسبب ويضاف الإتلاف إليه، فيصير ضامنا.