للبائع أن يذكر الأثمان المختلفة عند المساومة، فيقول: أبيعه نقدا بثمانية، ونسيئة بعشرة، وهل يجوز أن يذكر أثمانا مختلفة باختلاف الآجال، مثل أن يقول: أبيعه إلى شهر بعشرة، وإلى شهرين باثني عشر مثلا؟ لم أر في ذلك تصريحا من الفقهاء، وقياس قولهم السابق أن يجوز ذلك أيضا؛ لأنه إذا جاز اختلاف الأثمان على أساس كونها نقدا أو نسيئة، جاز اختلافها على أساس آجال مختلفة، لأنه لا فارق بين الصورتين.

ولكن اختلاف الأثمان هذا إنما يجيز ذكرها عند المساومة، وأما عقد البيع فلا يصح، إلا إذا اتفق الفريقان على أجل معلوم وثمن معلوم، فلا بد من الجزم بأحد الشقوق المذكورة في المساومة.

فلو قال البائع مثلا: إن أديت الثمن بعد شهر، فالبضاعة بعشرة، وإن أديته بعد شهرين، فهو باثني عشر، وإن أديته بعد ثلاثة أشهر، فهو بأربعة عشر، وافترقا على ذلك بدون تعيين أحد هذه الشقوق، زعما من المشتري أنه سوف يختار منها ما يلائمه في المستقبل، فإن هذا البيع حرام بالإجماع. ويجب على العاقدين أن يعقداه من جديد بتعيين أحد الشقوق واضحا.

2 - إنما الجائز زيادة في الثمن، لا تقاضي الفائدة:

ومما يجب التنبيه عليه هنا: أن ما ذكر من جواز هذا البيع إنما هو منصرف إلى زيادة في الثمن نفسه، أما ما يفعله بعض الناس من تحديد ثمن البضاعة على أساس سعر النقد، وذكر القدر الزائد على أساس أنه جزء من فوائد التأخير في الأداء، فإنه ربا صراح، وهذا مثل أن يقول البائع: بعتك هذه البضاعة بثماني ربيات نقدا، فإن تأخرت في الأداء إلى مدة شهر، فعليك ربيتان علاوة على الثمانية، سواء سماها "فائدة " (Interest) أو لا، فإنه لا شك في كونه معاملة ربوية، لأن ثمن البضاعة إنما تقرر كونه ثمانية، وصارت هذه الثمانية دينا في ذمة المشتري، فما يتقاضى عليه البائع من الزيادة فإنه ربا لا غير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015