والفرق العملي بين الصورتين، أن ما تصور كونه ثمنا في الصورة الأولى، صار ثمنا باتا بعد جزم الفريقين بأحد الشقوق، ولا يزيد هذا الثمن بعد تمام البيع ولا ينقص باختلاف أحوال المشتري في الأداء فلو كان المشتري اشترى البضاعة بعشرة على أنه سيؤدي الثمن بعد شهر، ولكنه لم يتمكن من الأداء إلا بعد شهرين، فإن الثمن يبقى عشرة كما هو، ولا يزيد بزيادة مدة الأداء الفعلي، وأما في الصورة الثانية، فالثمن ثمانية، وما يزيد عليه فائدة تطالب من أجل التأخير في الأداء، فلا تزال تزيد الفائدة كلما يطول التأخير، فتصير ربيتين في شهر، وأربع ربيات في شهرين، وهكذا، فالصورة الأولى نوع من أنواع البيع الحلال، والصورة الثانية داخلة في الربا المحرم شرعا.
3- توثيق الدين وأنواعه:
وبما أن الثمن في البيع المؤجل يصير دينا على المشتري فور تمام العقد، فإنه يجوز للبائع أن يطالبه بتوثيق لهذا الدين، أو بضمان للتسديد عند حلول الأجل.
الرهن:
أما ضمان التسديد، فيمكن بطريق الرهن، أو بكفالة من الطرف الثالث، وفى الصورة الأولى يرهن المشتري شيئا من ممتلكاته لدى البائع، ويحق للبائع أن يمسكه كضمان للتسديد، بدون أن ينتفع به في صورة من الصور، لأن الانتفاع بالمرهون شعبة من شعب الربا، ولكن يبقى الشىء المرهون بيد البائع لضغط المشتري على الاهتمام بأداء الأقساط في موعدها، وليحق له إذا قصر المشتري في الأداء عند حلول الأجل، أن يبيع الشيء المرهون ويسدد دينه بذلك، ولكن لا يجوز له أن يتجاوز عن الثمن المتفق عليه في العقد، فإن فضل من قيمة الشيء المرهون شيء بعد تسديد الدين رده إلى المشتري الراهن، وكما يجوز رهن الأعيان المملوكة للمشتري كذلك يجوز رهن مستندات الملكية لتلك الأعيان.