تظافرت العوامل العديدة التي ذكرتها في إنماء كمية الأحاديث الموضوعة وهددت السنة بالتشويه والتحريف لولا الجهود الجبارة التي بذلها العلماء في تنقية السنة. وتمييز الصحيح من السقيم، فقاموا بمجهود رائع تمثل في التأكيد على الإسناد، والرحلة في طلب العلم، وتدوين الحديث، ووضع علوم الحديث المختلفة، وسيتناول هذا البحث ظهور الإسناد وأهميته وما يتصل بمعرفة رجال السند وهو أحد علوم الحديث المهمة، ويطلق عليه "علم الرجال". ثم يتناول رحلة العلماء في طلب العلم وجهودهم في تدوين الحديث.
الإسناد وظهور علم الرجال:
"معرفة الرجال نصف العلم":
علي بن المديني:
يراد بالإسناد الطريق الموصل إلى المتن، فالحديث إنما يروى عن طريق سلسلة من الرواة تبدأ بالراوي الذي يحدث بالحديث وتنتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا فرق بين الإسناد والسند عند الجمهور، وعند غيرهم أن الإسناد رفع الحديث إلى قائله وكأنه من أسند في الجبل إذا صعد فيه وعلا على سفحه، والسند للأخبار عن طريق المتن الذي من معانيه ما صلب من الأرض وارتفع منها1.