بالكلاء فقلت له: حدثني فإني أريد أن آتي عبادان. فقال إن الشيخ الذي سمعناه منه هو بعبادان فأتيت عبادان فلقيت الشيخ فقلت له اتق الله ما لهذا الحديث؟ أتيت المدائن -فقصصت عليه- ثم واسطا ثم البصرة فدللت عليك، وما ظننت إلا أن هؤلاء كلهم قد ماتوا فأخبرني بقصة هذا الحديث؟

فقال: إنا اجتمعنا فرأينا النسا قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه وأخذوا في هذه الأحاديث فوضعنا لهم هذه الفضائل حتى يرغبوا فيه1.

وهكذا كان للوضع في الحديث أثر في تنشيط الرحلة في طلب العلم للتحقق من الأحاديث ومعرفة مصادرها، كما كان لاستمرار طلب الإسناد العالي دور في ذلك وقد قال الإمام "طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف"2 وقال "طلب علو الإسناد من الدين"3.

لذلك إتسع نطاق الرحلة في طلب العلم في القرنين الثاني والثالث، ويقدم الرامهرمزي "ت360هـ" قائمة بأسماء المحدثين الذين رحلوا في الأقطار ورتبهم على الطبقات فذكر من رحلوا إلى عدة أقطار ثم ذكر من قصد ناحية واحدة للقاء من بها من العلماء4، وهذه الأقطار هي مراكز الثقافة في العالم الإسلامي آنذاك، والمدن والأقطار التي كان يقصدها طلاب العلم للقاء من بها من العلماء كما تشير أخبار الرحالين هي: المدينة ومكة والكوفة والبصرة والجزيرة والشام واليمامة واليمن ومصر ومرو والري وبخاري. وهي مراكز يكثر فيها العلماء وتنشط فيها الرواية، وترجم لعلماء معظمها ابن سعد وخليفة بن خياط في كتابيهما في الطبقات.

وكان للرحلة أثر في شيوع الأحاديث وتكثير طرقها، كما كان لها أثر في معرفة الرجال بصورة دقيقة لأن المحدث يذهب إلى البلدة فيتعرف على علمائها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015