في الحديث أثر في تنشيط هذه الرحلات العلمية طلبا للحديث من مظانه، وتدقيقا لمصادره، وبحثا عن أصوله، وتحريا عن رواته.

وقد ذكر شعبة بن الحجاج "ت160هـ" أنه سمع أبا أسحاق يحدث عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث "من توضأ فأحسن الوضوء دخل من أي أبواب الجنة شاء" فساله شعبة: سمعت عبد الله بن عطاء يحدث عن عقبة بن عامر؟ قال أبو إسحاق: سمعت عبد الله بن عطاء، قال شعبة: عبد الله سمع عقبة بن عامر؟ فقال أبو إسحاق أسكت، فقال شعبة لا أسكت. وكان مسعر بن كدام حاضرا فالتفت إلى شعبة وقال: يا شعبة عبد الله بن عطاء حي بمكة. فخرج شعبة إلى مكة فلقي عبد الله بن عطاء وسأله عن حديث الوضوء من رواه؟ فأجاب: عقبة بن عامر، فاستحلفه شعبة هل سمعت منه؟ قال لا، حدثني سعد بن ابراهيم، فمضى شعبة إلى المدينة حيث لقي هناك سعد بن ابراهيم فسأله. فأجاب: من عندكم خرج حدثني زياد بن مخراق. فانحدر شعبة إلى البصرة فلقي زياد بن مخراق وهو شاحب اللون وسخ الثياب كث الشعر فسأله فقال: حدثني شهر بن حوشب عن أبي ريحانة. فقال شعبة: هذا حديث صعد ثم نزل دمروا عليه ليس له أصل1.

وهذا الجهد الكبير والمشقة البالغة والسفر الطويل كله للتحقق من صحة حديث واحد وليس شعبة بن الحجاج هو الوحيد في هذا الميدان. فهذا المؤمل بن إسماعيل ذكر عنده الحديث الذي يروي عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن فقال: لقد حدثني رجل ثقة سماه قال أتيت المدائن فلقيت الرجل الذي يروي هذا الحديث فقلت له حدثني فإني أريد أن آتي البصرة فقال: هذا الرجل الذي سمعناه هو بواسط في أصحاب القصب قال فأتيت واسطا فلقيت الشيخ فقال: إن هذا الذي سمعت منه هو بالكلاء فأتيت البصرة فلقيت الشيخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015