قلنا بالقول الثاني، قالب بعض أصحابنا: رجع الشافعي إلى اليقين في قدر الحيض، وفي وقته إلى غالب عادة النساء يقول: "وأحب أن حيضها على هذا القول يوم وليلة بخلاف المبتدأة". وقال القاضي الطبري: يجئ فيه قول (289 أ/ 1) آخر أن حيضها في كل شعر ست أو سبع كما ذكرنا في المبتدأة هذا القول.

فإذا قلنا بهذا القول، متى تبتدئ بهذه الحيضة؟ قال الشافعي في "العدة": "تستقبل العدة في أول كل هلال". ووجهه أن لأول الشهر أثرًا في التجارب فيعتبر به.

وقال ابن سريج: يقول لها: متى رأيت ابتداء الدم، فإن عرفته جعلنا ابتداء شهرها من ذلك الوقت، وعددنا لها ثلاثين يومًا، ثم حيضناها يومًا وليلة، وعلى ذلك أبدًا. وإن لم يعرف ابتداء الحيض يقول لها: أخبرينا آخر الزمان الذي يتيقن أنك كنت طاهرة فيه، فإن قالت: كنت طاهرة في آخر رمضان بيقين، ولا أعرف حالي في شوال، جعلنا ابتداء شهرها من أول شوال، ثم عددنا لها ثلاثين وجعلنا الحادي والثلاثين حيضًا، ثم على ذلك أبدًا، وهذا هو اختيار كبار أصحابنا.

فإذا تقرر هذا، فإنها على هذا القول تفعل ما تفعل المبتدأة، فتصلي بعد مدة الحيض وتصوم وتعتد به، وهل يستعمل الاحتياط؟ فيه قولان، وقيل قول واحد أنها تستعمل الاحتياط فتصوم وتقضي ولا يطأها ووجهها: لأنه طهر ثبت احتياطيًا، وتأويل قوله في "العدة": "عليها ما على الطاهرات ولها (298 ب/ 1) ما للطاهرات" هي في حكم العدة حتى لا يحصل لها في كل شهر إلا قرء واحد. وإذا قلنا: لا تحيض كما قال الشافعي أنها تصلي ولا تقضي؛ لأن صلاتها إن كانت في زمان الحيض فلا صلاة عليها، ولا يضرها بأن فعلته، وإن كانت في زمان الطهر فصلاتها صحيحة لا يلزمها قضاؤها، وأما في رمضان فلا تصومه وتقضي خمسة عشر يومًا منه؛ لأن خمسة عشر يومًا منه طهر بيقين، وما زاد عليها يجوز أن يكون حيضًا، فيكون صومها فيه باطلًا يلزمها قضاؤة، ويجوز أن يكون طهرها، ويكون صومها صحيحًا لا يلزمه قضاؤه، فأوجبنا قضاءه احتياطيًا للصوم. فإذا صامت شوال حصل لها أربعة عشر يومًا لأنها تفطر يوم العيد، فيلزمها أن تقضي الخامس عشر، ولا يصح لها قضاؤه إلا أن تصوم يومين من بينهما أربعة عشر يومًا لا يجوز غير ذلك، ولو كان عليها صوم يومين صامت أربعة أيام بين يومين ويومين وثلاثة عشر يومًا، ولو كان عليها صوم ثلاثة أيام صاما ستة أيام بين الثلاثة إثنا عشر يومًا (299 أ/ 1) وإن كان عليها طواف طافت طوافين، يكون من حين ابتدأت بالطواف الأول إلى أن تبتدئ بالطواف الثاني خمسة عشر يومًا، فيكون إحدى الطوافين واقعًا في زمان الطهر بيقين، ولا يعتبر خمسة عشر بعد الفراغ من الطواف الأول إلى الثاني؛ لأنه ربما كان ذلك طهرًا كاملًا فيكون الطواف الأول والثاني وقعًا في الطهر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015