موجودة في المسكر التمري، كما هي موجودة في المسكر العنبي، ورد الفرع إلى الأصل بعلة التسمية هو المختلف فيه بينهم، فمن منعه اضطر إلى الرجوع إلى هذا النظر الآخر، وهو الرد من ناحية العلة الحكمية، وهذا كله إذا لم يوجد نقل عن العرب أنها تسمى المسكر التمري خمرا.
وهكذا النباش سارق الكفن إذا استدل المالكي على قطعه بقوله تعالى: (والسارق والسارقة) افتقر إلى إثبات تسمية هذا النباش سارقا، إما نقلا عن العرب، أو قياسا على لغتهم، فيصح له الاستدلال حينئذ.
وهكذا المخالف إذا استدل على حد واطئ البهيمة بقوله تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما) افتقر إلى إثبات هذه التسمية في هذا الوطء ليصح له دخولها في الظاهر، إما نقلا عن العرب، أو قياس على معنى الاشتقاق، وهو العلو الذي منه أخذ الزنا بالآدمية، ومسائل هذا الباب تكثر.
وأما الوجه الثاني، وهو محل الخلاف، فاعلم أن أسماء الأعلام كزيد وعمرو، لا يتصور إثبات القياس فيها، ولكونها غير معللة، فهي في هذا كالنصوص الشرعية التي لا تعلل، ومن ضرورة القياس إثبات معنى يقع به التشبيه، وهذا لا يختلف.
وأما الأسماء المشتقة الصادرة عن معان معقولة كما مثلنا به في الخمر، والزاني، وكالأسود والأبيض، والعالم، والكاذب، فإن في مثل هذا يتصور الخلاف. وقد اختلف المتكلمون في ذلك على قولين، وكذلك اختلف الفقهاء أيضًا على قولين.
وحذاق المتكلمين على منع القياس، وللمالكية فيه قولان أجازه ابن القصار، وأبو التمام، ومنعه ابن خويز منداد، وكذلك اختلف فيه من ليس من أصحابنا الفقهاء على قولين أيضا.
وقد كان طرد هذا الذي بيناه يقتضي تصوير الخلاف في القياس على المجاز، كما اختلف في القياس في الحقيقة، لكن القاضي أبو محمد عبد الوهاب قد يشير إلى ارتفاع الخلاف فيه، وأن القياس فيه ممنوع، وذكر فرقين بينه وبين الحقائق، أحدهما أن المنع من القياس في المجاز لا يوقع في ضرورة، لأن هذا المجاز المشار إليه بالمنع يبقى له اسم الحقيقة، يعبر به عنه، والحقيقة إذا منعنا فيها القياس بقيت بغير اسم، وقد يحتاج إلى العبارة عنها، فيوقع منع القياس في ضرورة، وهذا الذي قاله إنما يتصور له فرقا في ذات لا اسم لها أصلا في لسان العرب.