قبل خلق آدم، وتعليمه الأسماء، فلا بعد مع هذا في موافقة ما علمه آدم ما كان الملائكة عليه من لغة، وهذا التقدير يبطل كون الآية نصا.
والغرض في هذه المسألة القطع، والقطع لا يكون إلا بالنصوص وبالله التوفيق.
الكلام في هذا الفصل من ثلاثة أوجه:
- فائدته.
- ومحله.
- وسبب الخلاف فيه.
أما فائدته فإنه قد تمس الحاجة إلى النظر في ثبوت تسمية لذات، أو نفيها عنها، حتى يعلم بثبوتها، أو نفيها دخولها تحت ظاهر يحتج به في الشرع، أو خروجها عنه، كالمالكي، إذا استدل على تحريم شرب نبيذ التمر المسكر بأن الخمر حرام، فيقول الحنفي لا يسمى خمرا إلا ما اعتصر من العنب وكان نيا، ولم تضع العرب هذه التسمية إلا لهذا خاصة.
ويحاول بهذا منع المالكي من إدخال عصير التمر تحت الظواهر الواردة بتحريم الخمر، لأن التسمية إذا لم تصح لهذا المتنازع فيه، لم يصح الاحتجاج عليه بتسمية لم تصح له، فيقول: المالكي [الخمر] مأخوذ من المخامرة، أو من التخمير الذي هو بمعنى التغطية والت [ـخمر] أالمرة تغطي وجهها (خل ..) في خمارا (...) (ص 52) في جماعة يستر بعضهم عن بعض، وعصير العنب إذا أسكر يستر العقل وكذلك عصير التمر يستر العقل أيضا، فيجب أن يكون من لغة العرب تسميته خمرا أيضا.
فإن قبل بالقياس على اللغة، وأن ما يستقر أو يلزم على القول كالمقول صح الاستدلال للمالكي، وإن لم يقل بأن المقول كالمنقول لم يصح الاستدلال بصحة الطريقة من العلل، ولكن بعلة أخرى، وهي العلة الحكمية، لأن هذه المسألة فيها علتان: علة الاسمية، وهي مضافة إلى العرب، وكأنها كشف عن السبب الذي دعاهم إلى وضع التسمية، وعلة حكيمة وهي مضافة إلى صاحب الشرع، وكأنها كالسبب الداعي إلى ما جاء به الشرع من هذا التحريم، وهو إيقاع العداوة، والبغضاء، والصد عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة.
وهذه العلة الشرعية التي هي إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله والصلاة