يوما، لا مزية لذلك اليوم على غيره، فإنه يحتمل أن يصومه طوعا، أو نذرا، احتمالا متساويا، ولو رأيناه صائما يوم عاشوراء، وقد كان مفطرا قبله، وهو مفطر بعده، لكان غلبة الظن أنه صامه لفضله، وإن أمكن يصومه قضاء، عن نذر عليه.

والمنكرون لكون الفعل بيانا يعتلون بأن البيان لا يتأخر عن أحد القولين، والفعل قد يتأخر، أو يشرع فيه عقيبه، فيطول، وهذا ضعيف، لأن هذا ليس بالتأخير الممنوع، عند من منع تأخير (...) يفتقر البيان القولي إلى إطالة وتكرر، وهؤلاء يرون أن صلاته عليه السلام إنما اتبع فيها وحجه إنما اتفق عليه لقوله (ص 47): "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقوله: "خذوا عني مناسككم" والفعل لا يكون بيانا حتى يتقدمه قول يشعر بكونه بيانا، ألا تراه صلى الله عليه وسلم قال للسائل له عن الأوقات: "صل معنا".

فالبيان مسند إلى هذه الأقوال، لا إلى مجرد الأفعال، يجيبون عن هذا بأن مجرد قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" لا يتعلم منه ركوع الصلاة وسجودها، وإنما يتعلم ذلك من نفس فعله للركوع والسجود، فكان إضافة البيان إليه أولى، وهذه عندي مشاحة في عبارة، فلابد من إشعار بكون الفعل بيانا من مقال، أو قرينة حال، ولولا هذا الإشعار لم يحصل للمكلف بيان، ولولا الفعل لم يتعلم صور الأفعال، فعاد الخلاف في هذا مناقشة في عبارة على أن المفهوم من نقل بعض المصنفين صرف الاختلاف إلى معنى، وهو هل يتصور فعل ينبئ مجرده عن المراد من غير إسناد ذلك إلى مقال، أو قرينة حال، فهذا لا تمس الحاجة إلى الكلام عليه هاهنا لأن الأحكام استقرت. وأفعال عليه السلام التي وقعت قد قال كل طائفة من العلماء مذهبه واعتقاده في الصفة التي وقعت عليها، وأنبأت عنها.

ولما اختار أبو المعالي أن البيان هو الدليل عقليه، وسمعيه، رأى أن لا تفاوت فيه إلا على الطريقة التي قدمنا القول فيها في الكلام على النظر.

أما العقلي فيتفاوت بقربه من الضرورة وبعده منها، والسمعي يتفاوت بقربه من دلالة المعجزة، وبعد عنها، فسامع خطاب النبي صلى الله عليه وسلم حصل في أول المراتب، والإجماع ثانية، لكونه علما على خبر النبي صلى الله عليه وسلم، وخبر الواحد والقياس ثالثهما، لأنهما إنما ثبتا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015