بالإجماع، ثم تتفاوت الأخبار، والأقيسة في القوة والضعف، على حسب ما تبين في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.
والوجه الثالث، وهو القول في تأخير البيان، فالكلام في أربعة أوجه:
- إظهار فائدته.
- ونقل المذاهب فيه.
- وسبب الاختلاف فيه.
- وإثبات وقوعه في الشرع.
فأما فائدة الكلام فيه فإن الفقيه إذا عثر على عموم القرآن ثم عثر على خبر واحد يرفع بعض ذلك العموم، وعلم تاريخ نزول الآية، وتاريخ الخبر، وأن الخبر متأخر عن نزول الآية فإنه إن اعتقد إحالة تأخير البيان قضي بكون الخبر نسخا، فلم يأخذ به، إذ النسخ لا يكون بأخبار الآحاد، وإن أجاز تأخير البيان قضي بكونه مخصصا، فأخذ به، إذا كان من مذهبه التخصيص بخبر الواحد، وهذا كما يستدل الشافعي على أن السلب للقاتل، بقوله: عليه السلام "من قتل قتيلا فله سلبه" الحديث المشهور.
ونقل إن هذا الحديث كان في غزوة حنين، وأن الآية وهي قوله تعالى: (واعلموا أن ما غنمتم من شيء) كانت قبل ذلك في غزوة بدر، وتقع المنازعة في معنى الحديث، هل قال ذلك حكما جزما، أو قاله لأنه أعطى ذلك نفلا، وقد قال تعالى في هذه الآية: (فأن لله خمسة وللرسول ولذي القربى). وقد ورد الخبر بتخصيص بعض الأقارب، فينظر أيضا في تاريخه، ويجري على ما بيناه من كيفية العمل في هذا الأصل.
وهكذا يجري النظر في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هل هي وضع الحمل، لقوله تعالى: (فأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) فعم المتوفى عنها زوجها والمطلقة، هذا يقتضي أن وضع الحمل نهاية عدة المتولي عنها زوجها، وهو المشهور من المذهب عندنا، وقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا)، فعم الحايل والحامل، وهذا يقتضي أن الحامل إذا وضعت قبل أربعة أشهر