استدل على وجوب الترتيب بقوله تعالى: (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا)، ورأى أن الفاء، هاهنا للتعقيب، لأن هذا من باب الشرط والمشروط، وإذا أفادت تعقيب القيام إلى الصلاة بغسل الوجه منعت أن يقدم قبل الوجه عضو آخر سواه، لأن تقدمة عضو آخر عليه، يمنع من كون الوجه مغسولا عقيب القيام إلى الصلاة، وإذا ثبت البداية بالوجه فقد ثبت له الترتيب، وإذا ثبت الترتيب في عضو واحد ثبت في سائر الأعضاء، إذ لا أحد يفرق بينها في هذا الحكم.
وترد الفاء أيضا زائدة، وأنشدوا في هذا:
وقائلة خولان فانكح فتاتهم ...............................
وأنشدوا أيضا:
.................................. وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وأما حرف "ثم" فإنها تفيد الترتيب مع تراخ، ومهلة، وزعم بعض الأئمة أنها ترد بمعنى الواو، وتأول قوله تعالى: (ثم استوى على العرش)،وقوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء)، وقوله: (ثم الله شهيد على ما يفعلون) على أنها في هذه الآي بمعنى الواو، ويضطره إلى هذا التأويل في الاستواء، أن الاستواء صفة ذات، وصفة الذات قديمة، والتعقب بالتراخي والمهلة لا يوصف به القديم.
وأما من يذهب إلى أن الاستواء صفة فعل، فلا يضطر إلى هذا التأويل، لأن أفعال الباري قد يتعقب بعضها بعضا، وقد تأول أن المراد بالاستواء هاهنا الإشعار بأنه تعالى فرغ من إكمال الخليقة وأمر، ونهي، وكلف، ثم استوى على العرش، والمراد الإشارة إلى ما قلناه من إكمال ما ذكرناه، وهذا المعنى يصح فيه التعقب، وبسط الكلام على هذه الآي، واستقصاء ما قيل فيها من التأويلات ليس هذا موضعه.
وأما لفظة ما فإنها على نوعين: اسمية، وحرفية: