ولرسلك بالرسالة. قال تعالى: ونفذ اليهود مكرهم في محاصرتهم لمنزل عيسى ليأخذوه ويصلبوه، ومكر الله تعالى وهو خير الماكرين إذ قال لعبده ورسوله عيسى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} أي: قابضك ورافعك إلى جواري، فقبضه تعالى فأخرجه من روزنة1 المنزل ورفعه2 إليه وألقى الشبه على رئيس شرطة المهاجمين فظنوه هو المسيح فقتلوه وصلبوه فسبحان المدبر الحكيم، وهكذا: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ3} ، وقوله له: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يريد منزهه من تهم اليهود الباطلة، إذ قالوا ساحر وابن زنا، ومبعده من ساحة مجتمعهم الذي تعفن بكفرهم والخبث والشر والفساد وواعده بأنه سيجعل الذين اتبعوه فيما جاء به من الإيمان والإسلام والإحسان فوق الذين كفروا بذلك إلى يوم القيامة وقد أنجز الله تعالى وعده فأعز أهل الإسلام ونصرهم، وأزل اليهود والكفار وأخزاهم. كما واعده أيضاً أن يرد الجميع إليه يوم القيامة ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه في الدنيا من الإيمان والكفر، والصلاح والفساد ويجزي كل فريق بما كسب من خير أو شر فقال: {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ، فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً} في الدنيا بالقتل والسباء والذلة والمسكنة، وفي الآخرة بعذاب النار، وما لهم من ناصرين يخلصهم من عذابنا، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجور إيمانهم وصالح أعمالهم في الدنيا نصراً وتمكيناً وفي الآخرة جنات ونعيماً، والله عز وجل لا يحب الظالمين فكيف يظلم عباده إذ جزاهم بأعمالهم؟ إنه لا يظلم أحداً من عباده مؤمنهم وكافرهم مثقال ذرة بل يجزي بعدله ويرحم بفضله

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- قيام الحجة على نصارى نجران، إذ أخبرهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالوحي فقرر به بطلان ألوهية عيسى عليه السلام بذكر أوصافه وأحواله مع قومه، وكرامة الله تعالى له، ولاتباعه معه ومن بعده في الدنيا والآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015