إليهم قبل المغرب فإذا بهم يؤذنون ويصلون المغرب والعشاء فعلم أنهم لم يرتدوا وأنهم على خير والحمد لله. وجاء بالزكوات وأنزل الله تعالى هذه الآية قلت إن هذه الآية وإن نزلت في سبب معين فإنها عامة وقاعدة أساسية هامة فعلى الفرد والجماعة والدولة أن لا يقبلوا من الأخبار التي تنقل إليهم ولا يعملوا بمقتضاها إلا بعد الثبت والتبين الصحيح كراهية أن يصيبوا فردا أو جماعة بسوء بدون موجب لذلك ولا مقتض الإقالة سوء وفرية قد يريد بها صاحبها منفعة لنفسه بجلب مصلحة أو دفع مضرة عنه. فالأخذ بمبدأ التثبت والتبين عند سماع خبر من شخص لم يعرف بالتقوى والاستقامة الكاملة والعدالة التامة واجب صونا لكرامة الأفراد وحماية لأرواحهم وأموالهم. والحمد لله على شرع عادل رحيم كهذا. فقوله {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ} المراد بالفاسق من يرتكب كبيرة من كبائر الذنوب كالكذب مثلا, والنبأ الخبر ذو الشأن والتبين التثبت وقوله {أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ} أن تصيبوهم في أبدانهم وأموالهم بعدم علم منكم وهي الجهالة وقوله {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} أي من جراء ما اتخذتم من إجراء خاطئ، وقوله تعالى في الآية (7) {وَاعْلَمُوا} يلفت الرب تعالى نظر المسلمين إلى حقيقة هم غافلون عنها وهو وجود الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حياً بينهم ينزل عليه الوحي فإن هذه حال تتطلب منهم التزام الصدق في القول والعمل وإلا يفضحهم الوحي فوراً إن هم كذبوا في قول أو عمل كما فضح الوليد لما أخبر بغير الحق. هذا أولا وثانيا لو كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطيعهم في كل ما يرونه ويقترحونه لوقعوا في مشاكل تعرضهم لمشاق لا تطاق، بل وفي آثام عظام. هذا معنى قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ1 فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} وقوله {وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ2 إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} فوقاكم كثيرا من أن تكذبوا على رسولكم أو تقترحوا عليه أو تفرضوا آراءكم. وقوله {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ3} أي أولئك أصحاب رسول الله هم السالكون سبيل الرشاد فلا يتهوكون ولا يضلون وقوله {فَضْلاً4 مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً} أي هدايتهم كانت فضلا من الله ونعمة، والله عليم بهم وبنياتهم وبواعث نفوسهم حكيم5 في تدبيره فأهل أصحاب رسول الله