فضلا من الله ونعمة: أي أفضل بذلك عليهم فضلا وأنعم إنعاما ونعمة.
والله عليم حكيم: أي عليم بخلقه وما يعملون حكيم في تدبيره لعباده هذا بعامة وبخاصة عليم بأولئك الراشدين حكيم في إنعامه عليهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تأديب المؤمنين إزاء نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد عاب تعالى أقواما معهم جفاء وغلظة قيل أنهم وفد من أعراب بني تميم منهم الزبرقان بن بدر، والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن جاءوا والرسول قائل وقت القيلولة ووقفوا على أبواب الحجرات1 ينادون بأعلى أصواتهم يا محمد يا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن اخرج إلينا فإنما مدحنا زين وإن ذمنا شين فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية الكريمة تأديبا لهم {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} حجرات نساء الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانت أبواب الحجرات إلى المسجد. {أَكْثَرُهُمْ لا2 يَعْقِلُونَ} أي فيما فعلوه بمقام الرسول الشريف ومكانته الرفيعة. {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ} بعد هبوبك من قيلولتك {لَكَانَ3 خَيْراً} أي من ذلك النداء بتعالي الأصوات من وراء الحجرات وقوله تعالى {وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} أي غفور لمن تاب منهم رحيم بهم إذ لم يعجل لهم العقوبة وفتح لهم باب التوبة وأدبهم ولم يعنف ولم يغلظ، وقوله تعالى في الآية الثالثة من هذا السياق (6) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ4 بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا5 قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} هذه الآية وإن كان لها سبب في نزولها وهو أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأتي بزكاة أموالهم، وكان بينهم وبين أسرة الوليد عداء في الجاهلية فذكره الوليد وهاب أن يدخل عليهم دارهم وهذا من وسواس الشيطان فرجع وستر على نفسه الخوف الذي أصابه فذكر أنهم منعوه الزكاة وهموا بقتله فهرب منهم فغضب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم بغزوهم. وما زال كذلك حتى أتى وفد منهم يسترضي رسول الله ويستعتب عنده خوفا من أن يكون قد بلغه عنهم سوء فأخبروه بأنهم على العهد وأن الوليد رجع من الطريق ولم يصل إليهم وبعث الرسول خالد بن الوليد من جهة فوصل