لتبتغوا لأن الابتغاء حاصل من كل راكب، وأما الشكر فليس كذلك بل من الناس من يشكر ومنهم من لا يشكر، ولذا جاء بأداة الرجاء وهي لعل وقوله {يُولِجُ اللَّيْلَ (1) فِي النَّهَارِ} أي يدخل جزءاً من الليل في النهار فيطول، ويقصر الليل {وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} أي يدخل جزءا منه في الليل فيطول كما أنه يدخل النهار في الليل، والليل في النهار بالكلية فإنه إذا جاء أحدهما ذهب الآخر ويشهد له قوله {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} ولازمه والنهار نسلخ منه الليل، فإذا الليل ليل والنهار نهار.
وقوله {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} أي ذللهما فهما يسيران الدهر كله بلا كلل ولا ملل لصالح العباد إذ بهما كان الليل والنهار، وبهما تعرف السنون والحساب وقوله {كُلٌّ يَجْرِي} أي كل منهما يجري {لِأَجَلٍ مُسَمّىً} أي إلى وقت محدود وهو يوم القيامة. ولما عرف تعالى نفسه بمظاهر القدرة قدرته وعلمه وحكمته ولطفه ورحمته قال للناس {ذَلِكُمُ (2) اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ} أي بعد أن أقام الحجة وأظهر الدليل لم يبق إلا الإعلان عن الحقيقة التي ينكر لها الكافرون فأعلنها بقوله {ذَلِكُمُ} ذو الصفات العظام والجلال والإكرام هو الله ربكم الذي لا رب لكم سواه له الملك، وليس لغيره فلا يصح طلب شيء من غيره، إذ الملك كله لله وحده، وأما الذين تدعون من دونه أي تعبدونهم من دونه وهي الأصنام والأوثان وغيرها من الملائكة والأنبياء والأولياء فإنهم لا يملكون من قطمير فضلاً عن غيره تمرة فما فوقها لأن الذي لا يملك قطميراً – وهو القشرة الرقيقة على النواة (3) - لا يملك بعيراً.
وقوله {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} نعم لا يسمعون لأنهم جمادات وأصنام من حجارة فكيف يسمعون وعلى فرض لو أنهم سمعوا ما استجابوا لداعيهم لعدم قدرتهم على الاستجابة. وقوله تعالى {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} فهم إذاً محنة لكم في الدنيا تنحتونهم وتحمونهم وتعبدونهم ويوم القيامة يكونون أعداء لكم وخصوماً فيتبرءون من شرككم إياهم في عبادة الله، فتقوم عليكم الحجة بسببهم فما الحاجة إذاً إلى الإصرار على عبادتهم وحمايتهم والدفاع عنهم. وقوله تعالى {وَلا يُنَبِّئُكَ} أيها السامع {مِثْلُ خَبِيرٍ} (4) وهو الله تعالى فالخبير أصدق من ينبئ