وَلَا اتخذ ابراهيم خَلِيلًا بِغَيْر قرينَة وَلَا تَأْوِيل كَمَا يجوز أَن تَقول فِي الْجِدَار أَنه لَيْسَ بمريد وَلَا يجوز ذَلِك الاثبات إِلَّا بالتأويل والقرينة الدَّالَّة عَلَيْهِ
وَالْمُسلم بالفطرة يُنكر هَذِه الْبدع وبالرسوخ فِي علم الحَدِيث يعلم بِالضَّرُورَةِ حدوثها وَأَن عصر النُّبُوَّة وَالصَّحَابَة بَرِيء مِنْهَا مثل مَا يعلم أَن الْمُعْتَزلَة أبرياء من مَذْهَب الأشعرية وَأَن الأشعرية أبرياء من مَذْهَب الْمُعْتَزلَة وَأَن النُّحَاة أبرياء من مَذْهَب الشعوبية وأمثال ذَلِك فَيجب تَقْرِير ذَلِك وَأَمْثَاله مِمَّا وصف الله تَعَالَى بِهِ ذَاته الْكَرِيمَة على جِهَة التمدح وَالْحَمْد وَالثنَاء وَسَيَأْتِي الْجَواب عَن سَبَب تخلف الرَّحْمَة لكثير من أهل الْبلَاء كَمَا يتَخَلَّف الْعَطاء عَن كثير من الْفُقَرَاء وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي مدح الله بالجود وَالْكَرم حَقِيقَة باجماع الْمُسلمين لمعارضة الْحِكْمَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاء وَقد جود الْغَزالِيّ القَوْل فِي هَذَا الْمَعْنى فِي الْمَقْصد الامنى فَلَا حَاجَة إِلَى التَّطْوِيل بِنَقْل كَلَامه وموضعه مَعْرُوف
وَالدَّلِيل على أَنه لَا يجوز القَوْل بِأَن ظَاهر هَذِه الاسماء كفر وضلال وَأَن الصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالح لم يفهموا ذَلِك أَو فَهموا وَلم يقومُوا بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِم من نصح الْمُسلمين وَبَيَان التَّأْوِيل الْحق لَهُم أَمْرَانِ الأول قَاطع ضَرُورِيّ وَهُوَ أَن الْعَادة توجب فِي كل مَا كَانَ كَذَلِك أَن يظْهر التحذير مِنْهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن أَصْحَابه يتواتر أعظم مِمَّا حذروا من الدَّجَّال الْأَعْوَر الْكذَّاب وَلَا يجوز عَلَيْهِم مَعَ كَمَال عُقُولهمْ وأديانهم أَن يتْركُوا صبيانهم ونساءهم وعامتهم يسمعُونَ ذَلِك مَنْسُوبا إِلَى الله وَإِلَى كِتَابه وَرَسُوله وَظَاهره الْكفْر وهم سكُوت عَلَيْهِ مَعَ بلادة الْأَكْثَرين وَلَو تركُوا بَيَان ذَلِك ثِقَة بِنَظَر الْعُقُول الدَّقِيق لتركوا التحذير من فتْنَة الدَّجَّال فان بطلَان ربوبيته أجلى فِي الْعُقُول من ذَلِك أَلا ترى أَن الْمُتَكَلِّمين لما اعتقدوا قبح هَذِه الظَّوَاهِر تَوَاتر عَنْهُم التحذير عَنْهَا والتأويل لَهَا وصنفوا فِي ذَلِك وأيقظوا الغافلين وَعَلمُوا الْجَاهِلين وَكَفرُوا الْمُخَالفين وأشاعوا ذَلِك بَين الْمُسلمين بل بَين الْعَالمين فَكَانَ أَحَق مِنْهُم بذلك سيد الْمُرْسلين وقدماء السَّابِقين وأنصار الدّين الثَّانِي أَنه قد ثَبت فِي تَحْرِيم الزِّيَادَة فِي الدّين أَنه لَا يَصح سكُوت الشَّرْع عَن النَّص على مَا يحْتَاج اليه من مهمات الدّين