وَقد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ بذلك مجَازًا فِي تَفْسِيره {أمرنَا مُتْرَفِيهَا ففسقوا فِيهَا} وَلم يكفر بذلك وَكَذَلِكَ قَالَ بعض الاشعرية أَن الله تَعَالَى يحب الْمعاصِي مجَازًا وَلم يكفروه بذلك وَلَو قَالُوهُ حَقِيقَة كفرُوا فَدلَّ على أَن الايمان الْمجَازِي فِي مَوضِع الْحَقَائِق كلا شَيْء فَكَمَا لم يضرّهُ من آمن بالامر بالقبائح مجَازًا فَكَذَلِك لَا ينفع من آمن بالرحمن الرَّحِيم الْحَكِيم مجَازًا لأَنهم بِمَنْزِلَة الزَّمَخْشَرِيّ فِي إيمَانه بِأَمْر الله بِالْفِسْقِ مجَازًا مَعَ نَفْيه لذَلِك أَشد النَّفْي واعتقاده أَنه كَالْعدمِ يُوضحهُ أَنه لَا شكّ وَلَا خلاف فِي كفر من آمن بالنبوات مجَازًا ونفاها حَقِيقَة فأسماء الله الْحسنى الْمَعْلُوم تمدحه بهَا فِي جَمِيع كتبه أجل وَأعظم من جنته وناره وأنبيائه فَلَا يَكْفِي الايمان بِشَيْء مِنْهَا مجَازًا إِلَّا أَن يَصح فِي ذَلِك اجماع قَاطع وبرهان الله أقطع فِي بعض الْمَوَاضِع يُؤمن مَعَه من الْوُقُوع فِي الْبِدْعَة والفرقة الْمنْهِي عَنْهُمَا بالنصوص والاجماع وَكَذَلِكَ يَقُول بَعضهم لبَعض فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ كَمَا يَقُول لَهُم الباطني

وَكَذَلِكَ محبَّة الله تَعَالَى لأنبيائه وأوليائه الَّتِي هِيَ أعظم فضل الله الْعَظِيم عَلَيْهِم وأشرف مَا يرجونه من مواهبه الْعِظَام وَقد نَص الله تَعَالَى على ذَلِك فِي غير آيَة من كِتَابه الْكَرِيم كَقَوْلِه تَعَالَى {يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وَقَوله تَعَالَى {وَالله يحب الصابرين} وَكَذَلِكَ كَون الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين وأكبر من ذَلِك أَن الله تَعَالَى اتخذ ابراهيم صلى الله عَلَيْهِ وعَلى نَبينَا وَسلم خَلِيلًا بِالنَّصِّ القرآني وَاتخذ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلِيلًا بِالنَّصِّ النَّبَوِيّ والحلة فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة أرفع مَرَاتِب الْمحبَّة وَلم تزل هَذِه النُّصُوص مقررة مُجَللَة معتقدة مَعَ تَنْزِيه الله تَعَالَى من نقائصها مثل تنزيهه من نقائص علم المخلوقين وارادتهم فِي الْعَلِيم المريد وَغَيرهمَا حَتَّى فَشَتْ الْبِدْعَة وَاجْتمعت كلمة الْمُعْتَزلَة والأشعرية على تقبيح نِسْبَة الرَّحْمَة والحلم والمحبة والخلة إِلَى الله تَعَالَى إِلَّا بِتَأْوِيل مُوجب لنفي هَذِه الْأَشْيَاء عَن الله بِغَيْر قرينَة وَمُوجب تَحْرِيم اطلاقها إِلَّا مَعَ الْقَرِينَة فَيجوز عِنْدهم أَن تَقول إِن الله غير رَحِيم وَلَا رَحْمَن وَلَا حَلِيم وَلَا يحب الْمُؤمنِينَ وَلَا الصابرين وَلَا المتطهرين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015