بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذكرنا أن هذا البيت شرفه الله جل وعلا منذ أن كان، ومن تشريف الله جل وعلا لهذا البيت أن أحاطه بحفظه، فصد عنه أبرهة، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بركت ناقته في عام الحديبية قال بعض الصحابة: خلأت القصواء، أي: ناقته عليه الصلاة والسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما خلأت القصواء وليس ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل).
وهذا كله فيه إشارة إلى البيت؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام بعدها: (والله لا يسألون شيئاً يعظمون به البيت إلا أعطيتهم إياه).
ونذكر هنا بعض الأحداث التاريخية التي صاحبت بناء البيت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته، فهنا أرادت قريش أن تعيد بناء البيت؛ كما في الأخبار المشهورة بعد أن جرفت السيول أكثره، فأرادوا هدم باقيه لتجديد البناء.
فيقال تاريخياً: إن أول من بدأ بنقض أحجار البيت الوليد بن المغيرة، فقد أتى حافياً وقال: اللهم إنك تعلم أنا لا نريد به أذى، وانظر إلى أدبه مع البيت، ثم انظر إلى الكبر والحسد ماذا يصنعان؟ فإنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبى أن يسجد لله، وكان رجلاً مقبولاً من قومه، وهذا هو الذي قال الله فيه: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} [المدثر:11].
فالمقصود: أن قريشاً هدمت البيت؛ بسبب أن السيول جرفت أكثره، فاختارت طيب أموالها وبدأت في بناء المبيت، لكن تلك الأموال الطيبة قصرت ولم تستوف تكلفة البناء، فبنوا القواعد الجنوبية على قواعد إبراهيم، وهما الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود، وأما الركنان الشاميان فلم يستطيعوا بناءهما على قواعد إبراهيم، فأصبح ما يسمى الآن بحجر إسماعيل، وهو غير صحيح، فليس لإسماعيل علاقة به.
وهذا الحجر أصبح يدل على مكان البيت القديم أيام إبراهيم، هذا بناء قريش للكعبة، وهو نفس البناء الذي تدخل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ووضع الحجر فيه.