القلب هو أهم عضو في جسم الإنسان وهو المحرك الأساسي لجميع أعضاء الجسم والحاكم عليها والمسئول عنها وهو محل نظر الله تعالى قال - صلى الله عليه وسلم - ((إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) رواه مسلم:2564، وهو العضو الوحيد الذي في صلاحه صلاح للجسد كله، وفي فساده فساد للجسد كله، قال - صلى الله عليه وسلم - ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) البخاري:1/ 116، ومسلم:1599
والقلب سر كامن في الجسد لا يعلم حقيقة سره إلا الله تعالى فبه يفرق بين الكافر والمؤمن، والصادق والكاذب، والمرائي والمنافق.
وللقلب غذاء لا يستطيع أن يحيى بغيره وهو غذاء الإيمان ولغذائه ذلك طعم لا يستطيع أن يعيش حياة طيبة بدونه قال - صلى الله عليه وسلم - ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا)) رواه مسلم:151، كما أن لغذائه حلاوة قال - صلى الله عليه وسلم - ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرئ لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)) البخاري:1/ 58،56 - مسلم:43
والقلب السليم هو سبب النجاة الأول يوم القيامة قال تعالى {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} الشعراء 88. وهو سبب من أسباب دخول الجنة، قال تعالى ... {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد. هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. أدخلوها بسلام ذلك يوم الخلود. لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد} ق 31. وهو الذي يعي الموعظة ويتقبلها قال تعالى: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} ق 37.
القلوب أربعة أنواع:
1 - قلب نقي تقي فيه سراج منير، فذلك قلب المؤمن قال تعالى {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} الأنعام 122.
2 - قلب أغلف مظلم وذلك قلب الكافر، قال تعالى {وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون} البقرة 88.
3 - قلب مرتكس منكوس وذلك قلب المنافق عرف الحق ثم أنكره وأبصر ثم عمي قال تعالى {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا} النساء 88.
4 - قلب تمده مادتان مادة الإيمان ومادة النفاق فهو على ما غلب عليه منهما قال تعالى في أقوام {هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان} آل عمران 167 ..
فيجب على كل مسلم أن يعرف حقيقة قلبه فإن معرفة القلب من أعظم مطلوبات الدين ومن أظهر المعالم في طريق الصالحين وإن معرفته تستوجب اليقظة لخلجات القلب وخفقاته وحركاته ولفتاته، والحذر من كل هاجس، والاحتياط من المزالق والهواجس والتعلق الدائم بالله فهو مقلب القلوب والأبصار.
فلابد أن نحرص على تمكين العقيدة الإسلامية في قلوبنا ونجعلها ضابطا لسلوكنا وتصرفاتنا وحركاتنا وسكناتنا، لا أمرا ثانويا في قاموس حياتنا فإنها هي القضية العظمى التي من أجلها نحيا ومن أجلها نموت وإليها ندعو وعنها ندافع وإننا في زمن كثرت فيه الفتن ولا خلاص لنا منها إلا بتنمية محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وتقواه وخشيته في السر والعلن وتطهير القلب من المعاصي والذنوب والآثام وتغذيته بالتقوى والإيمان والنظر في سير أسلافنا من الصحابة