من أجل ذلك وضعت مؤلفي هذا متجنبًا تلك العيوب؛ فلم أتعرض في بيان أنواع الزحاف والعلل إلى ذكر البحور التي تدخلها، ولم أقدم باب: ألقاب الأبيات وأجزائها، بل ختمت به بحوث علم العروض فجاء كالحصر لكل ما قدمته موزعًا على الأبواب؛ ولهذا صار الناظر في كتابنا لا يصطدم أبدًا بمجهول يحار فيه أو يُبْهَت بمجابهته، وأكثرتُ عقب كل بحر من التطبيق عليه، وبعد كل بحرين أنشأت تطبيقًا يعمهما، وبعد كل مجموعة منها جئت بتطبيق أو أكثر يتناولها، وعقب الانتهاء من البحور كلها أحدثت تطبيقات عامة لجميع البحور على نوع من التدريج يأنس إليه الطالب، وكذلك فعلت في علم القافية، فأحدثت لها تطبيقات تثبت مصطلحاتها الكثيرة المتشابهة المتنوعة.
والعجيب أن هذين العلمين يتأخران عن بقية العلوم في سُنَّةِ الرقي مع حاجتهما إليها، ولكن لعل الناس لما رأوا الخليل بن أحمد -رحمه الله- قد أتى فيهما بما لا مزيد عليه في حصر قواعدهما بهرهم ذلك منه فأصابتهم الصرفة عن الإبداع فيهما.
لذلك أرى نعمة الله عليّ عظيمة بهذا التوفيق إلى تذليل هذين العلمين وتسهيل سبلهما، خصوصًا بعد أن عرفت دور العلم قدر الحاجة إليهما والفائدة المرجوة منهما، فصارا مقرَّرَي التدريس في كل معهد تدرس فيه فروع العربية في مصر: كالجامعة الأزهرية، والجامعة المصرية، ودار العلوم، ومعهد التربية. ولاشك أنَّ لهما مثل هذه العناية في الأقطار العربية الأخرى.
والله الموفق للصواب، وهو حسبي ونعم الوكيل.
محمود مصطفى