وأضربه المختلفة وجدت أنه يكثر فيه الخبن كما يكثر الطي، وأن ذلك مقبول فيه حسن، ولكن اجتماع الزحافين: الخبن والطي، وهو المسمى خبلًا قبيح فيه، وكذلك يدخل الخبن في أعاريضه، وأضربه كلها تامَّة ومقطوعة كما رأيت، وقد ذكرنا لك أن المقطوع من المشطور إذا خبن سُمي مكبولًا.
وقد أكثر الشعراء المحدثون في الأراجيز المشطورة من الازدواج وهو: أن يتحد كل بيتين في القافية كما في أرجوزة أبي العتاهية التي مرّ بك بيتان منها. وسنسرد لك جملة صالحة من أبياتها لنتبين معنى الازدواج واضحًا، قال أبو العتاهية:
حسبك فيما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت
الفقر فيما جاوز الكفافا ... من اتقى الله رجا وخافا
هي المقادير فلُمني أو فَذر ... إن كنتُ أخطأتُ فما أخطا القدَر
فكل سطر من هذه الأسطر بيتان من المشطور قد اتَّحدا في القافية ويظهر أن المحدثين لجئوا إلى ذلك تخفيفًا على أنفسهم من ثقل القافية، فتحللوا من شرط اتحادها في الشعر العربي. وما اضطرهم إلى ذلك إلا خفة وزن الرجز حتى قيل: إنه حمار الشعراء، وأنهم احتاجوا إليه في تقييد الحكمة والمثل والموعظة والقصة، وذلك كثير في كلامهم لا تطاوعهم فيه القافية الواحدة خصوصًا إذا لوحظ ضعف ملكاتهم الطارئ عليهم بكثرة الأعاجم بينهم.
ومن هنا دخل العلماء فقيدوا علومهم غالبًا بالرجز المشطور المزدوج كما فعل ابن مالك صاحب الألفية.