ورقة من ثقيل يرغب في الإذن، وكان له ابن مليح فكتب إليه مدغليس:
سيدي: هذا مكان لا يرى فيه بلحية ... غير تيس مصفعاني،
وكان مدغليس هذا مشهور بالانطباع والصنعة في الأزجال، خليفة ابن قزمان في زمانه، وأهل الأندلس يقولون: ابن قزمان من الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، ومدغليس بمنزلة أبي تمام، بالنظر إلى الانطباع والصناعة، فابن قزمان ملتفت للمعنى ومدغليس ملتفت إلى اللفظ، وكان أدبيًّا معربًا لكلامه مثل ابن قزمان، لكنَّه لما رأى نفسه في الزجل أنجب اقتصر عليها.
ومما اختاره ابن خلدون، من زجل أهل مصر القاهرة، وأحسن في اختياره كل الإحسان، قول بعضهم في ذلك العصر:
هذي جراحي طريَّا ... الدما تنضح
وقاتلي يا أحيما ... في الفلا يمرح
قالوا: "وناخد بتارك" ... قلت: "ذا أقبح! ".
وقد عمَّ فن الزجل في الأندلس؛ حتى كان العامة ينظمون فيه بطريقتهم العامة في سائر البحور الخمسة عشر.
وقد قلّد المشارقة فيه الأندلسيين، فراج الزجل في كل مكان، وخاصة في مصر في العصر المملوكي، ومن أشهر الزجّالين: خلف الغباري، وبدر الدين الفرضي، وأحمد الدرويشي، وأحمد الأمشاطي الشامي 725هـ.
ونشأ في المغرب امتدادًا للزجل شعر عامي سموه الأصمعيات، وشعر عامِّي في المشرق سموه الشعر البدوي.