على أنواع من الشعر كالغزل والوصف
وكثيرا ما كان الزجل أصدق في التعبير عن النفوس من الشعر الفصيح لقربه من تعبير العامة، واشتماله على عباراتهم المألوفة، وعدم احتياجه للتكليف في الصناعة واختيار الألفاظ.
ولَمّا شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور؛ لسهولته وتنميق كلامه، وترصيع أجزائه، نسجت العامة على منواله ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير أن يلتزموا إعرابًا، واستحدثوا فنًّا سموه: الزجل. والتزموا النظم فيه. فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة.
وأول من أبدع في هذه الطريقة الزجلية، أبو بكر بن قزمان، فلم تظهر حُلاها، ولا انسبكت معانيها، واشتهرت رشاقتها، إلا في زمانه، وتوفي عام 544هـ وهو إمام الزجالين على الإطلاق.
ويقال: إن أول من اخترعه رجل يقال له راشد ... وكان لابن قزمان فضل الشهرة لتجويده، وعاصره محلف الأسود، وجاءت بعده طبقة من الزجالين: مدغليس بن جحدر، بإشبيلية، ثم أبو الحسن سهل بن مالك، ثم ابن الخطيب، والألوسي ... قال ابن سعيد عن ابن جحدر: "رأيت أزجاله مروية ببغداد، أكثر ما رأيتها بحواضر المغرب".
وكان ابن قزمان نسيج وحده أدبًا وظرفًا ولوذغية وشهرة، مبرزًا في نظم الزجل.
وهذه الطريقة الزجلية تتحكم فيها ألقاب البديع، وتنفسح لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر، وبلغ فيها ابن قزمان مبلغًا كبيرًا، فهو آيتها المعجزة، وحجتها البالغة، وفارسها العلم، والمبتدئ فيها والمتمِّم، أحرز السبق عند تسابق الأعيان، واشتمل عليه المتوكل على الله المتوفى عام 484هـ، فرقّاه إلى مجالس الملك، وخلفه في مذهبه حاج، المعروف بمدغليس صاحب الموشحات، وفي يوم كان يشرب مع ندماء ظراف، في جنة بهجة، فجاءتهم