الضعف الأول، هو خطأ النظر إلى -موقع الإنسان في سلم الوجود- فالشيوعية التي أنكرت الخالق، وتبنت الإلحاد كرد فعل لوقوف الكنيسة إلى جانب معسكر "المترفين"، وليس كنتيجة من نتائج البحث العلمي والنظر الموضوعي في الوجود، وضعت الإنسان في الموقع الأول في الوجود -وليس المركز الوسط. فكان من نتائج ذلك الفهم أن الشيوعية هدمت إحساس الإنسان بمسئوليته أمام الخالق الذي يحاسبه على أعماله الخيرة والشريرة. وبذلك جعلت "إنسانها العامل" أكثر عرضة لمرض -الطغيان والاستضعاف- اللذين نهضت الشيوعية أصلا لمجابهتهما. فعندما تراءى لـ"الحزب الشيوعي" أنه استغنى، طغى وانقلب إلى طبقة أرستقراطية أبشع من أرستقراطية الرأسمالية. وهبطت تطبيقات اللينية ونظائرها بـ"العمال" إلى قطعان بشرية مسلوبة التفكير والإرادة. وبذلك تنكرت الشيوعية -من الناحية العلمية- لقيمها ومبادئها مبرهنة قوله تعالى: {إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} .

والضعف الثاني، هو مفهوم الشيوعية عن "طبيعة الإنسان" الذي نقلته عن "الدارونية الاجتماعية"، والتي نقلها -دارون بطريقة غير مباشرة- عن الخطيئة الأصلية في المسيحية. فهذه الفكرة أصلت الشر في طبيعة الإنسان، وبررت نظرية الصراع الطبقي التي طرحتها الماركسية، وبذلك بذرت بذور الصراع، والتفكك بين أعتابها وفي مجتمعاتها نفسها.

والخلاصة أن التربية الإسلامية المنشودة، والمرشحة لإخراج أمة إسلامية جديدة تتصدى لمعالجة أزمات حارات قرية الكرية الأرضية تحتاج أن يتمحور عملها حول المظهر الاجتماعي للعبادة مع مراعاة الاختلافات الفكرية الحاسمة التي تميز الإسلام عما سواه خاصة مفهوم الإسلام عن "هوية الإنسان" الذي يضع الإنسان في المركز الوسط من سلم الوجود، ومفهومه عن "طبيعة الإنسان" الذي يقرر أن الإنسان خير في الأصل، والشر طارئ عليه، وليس العكس كما قررت المسيحية وتطبيقاتها في الشيوعية والرأسمالية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015