...
الباب الخامس: صحة الأمة ومرضها وموتها
الأمم كالأفراد تنتابها حالات الصحة والمرض والوفاة، ولها أعمار وآجال. وحين تمضي الأمم في مراحل الصحة والمرض والموت، فإنها تسير طبقا لقوانين محددة ومراحل مقدرة تحكمها -الأسباب والنتائج- وتصاحبها -الأعراض والمضاعفات- حتى تنتهي الأمة إلى أجلها ومصيرها المحتوم. وإلى هذه الحقيقة يشير قوله تعالى:
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] و [يونس: 49] .
{وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ، مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} [الحجر: 4، 5] .
والأسباب التي تؤدي إلى مرض الأمم، وتسوقها إلى آجالها هي أيضا كأسباب مرض الأفراد وآجالهم: أي هي أسباب طبيعية تتمثل في الهرم، وانتهاء زمن الابتلاء المقدر في الحياة، وأسباب مرضية تتمثل في مخالفة قواعد صحة الأمم، واقتراف أسباب المرض أو الوفاة. والأسباب الطبيعية لا سبيل إلى التحكم بها مثل انتهاء أجل الأمة، التي أخرجت على يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتي أشار إلى أجلها بقوله: