والثالث، هو التحذير من الردة إلى قيم العصبية القبلية، وإدراج هذه الردة في قائمة الكبائر المخلدة في النار1.

والرابع، التنبيه إلى دور قيم العصبية في فن المستقبل وما ستجره على الأمة المسلمة من كوارث ومذابح ودمار، وهو ما تقدم تفصيلاته الأحاديث النبوية الواردة تحت -كتاب الفتن- في مصنفات الحديث المختلفة.

ولذلك كانت تزكية المجتمع المدني من قيم العصبية القبلية، والانتقال به إلى -قيم التقوى- العالمية محورا أساسيا من محاور التربية في صدر الإسلام. ولقد ظل التحذير من قيم العصبية أحد العناصر الرئيسية في منهاج الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أن لخص جهاده ضد الجاهلية العربية في خطبة فتح مكة فقال:

"إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب" 2.

ولكن "ثقافة" العصبية وقيمها عادت الإمساك بدفة المجتمع بعد الخلافة الراشدة: أي بعد انقضاء جيل الصحابة الذي رباه الرسول، الأمر الذي أدى إلى ظهور التناقض بين المبادئ الإسلامية الداعية إلى مساواة الشعوب والأجناس، وبين التطبيقات السياسية، والاجتماعية التي قسمت المسلمين إلى عرب وموالي، وفتحت باب الانقسامات في الأمة المسلمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015