في تفسيره نقلا عن الصحابة والتابعين الذين قالوا: إن آل الرجل هم أتباعه، وقومه هم من على دينه. ونقل الطبري عن ابن عباس إنه قال: في الآية هم المؤمنون من آل إبراهيم، وآل عمران وآل ياسين وآل محمد. يقول الله عز وجل: "إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه"1.

ولقد ذكر القرآن الكريم المنهج الذي زود الله به المهاجرين مع موسى، ليعيشوا طبقا لتوجياته في -منطقة الأمة المسلمة. من ذلك قوله تعالى:

{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 58] .

والدخول سجدا إشارة إلى الثقافة والممارسات، ونمط العيش الذي يجب أن يكونوا عليه في أرض "أمة الرسالة" -أرض ما حول الأقصى، وهي أن تكون الممارسات كلها مستوحاة من معاني السجود. وهو هنا طاعة الله والتواضع للخلق. أما {وَقُولُوا حِطَّةٌ} فهو إشارة إلى الثقافة، والقيم المتجددة التي تتميز بالنقد الذاتي -أو التوبة حسب التعبير القرآني- والاستعداد الدائم؛ لأن "تحط" الأمة عنها أغلال الموروثات الاجتماعية، وأصارها التي تعيق التكيف مع الشئون المتجددة، والخلق الجديد الذي تبرزه المشيئة الإلهية باستمرار. ولذلك قال الطبري في تفسيره - {وَقُولُوا حِطَّةٌ} - أي: قولوا الذي يحط عنكم خطاياكم وهو قول: لا إله إلا الله وتطبيقاتها. ومعنى {نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} لا نؤاخذ الذين يجنبون طريق السجود إذا استغفروا. {وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} : أي نزيد الذين يحسنون القيام بوظيفة -أمة الرسالة- نعمة واستقرارا.

ولكن آثار البيئة التي نشأ فيها أتباع موسى -بيئة الثقافة الفرعونية- فعلت فعلها في هذه الانطلاقة الأولى لأمة الرسالة. ومن هذه الآثار أن أتباع موسى حين كانوا في طريقهم لأرض أمة الرسالة تأثروا بالتراث الديني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015