- "تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين، أو ست وثلاثين، أو سبع وثلاثين، وأن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما" 1.
- "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". "قال عمران راوي الحديث: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة"، "ثم إن بعد قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يفون، ويظهر فيهم السمن" 2.
وهذا يعني -بشهادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن "الأمة الإسلامية" لم تكن طوال التاريخ "أمة مسلمة" راشدة، وإنما أخذت -منذ وقت مبكر- بالانحراف عن نموذج الأمة في القرآن والسنة حتى خالفته تماما، وإن مؤسسات التربية الإسلامية في العصور التي تلت عصر النبوة، والخلافة الراشدة تركت -أو أجبرت على ترك- "فقه" إخراج الأمة المسلمة، وما يتطلبه هذا الإخراج من نظم وتشريعات ومؤسسات تقي الأمة من التسلط، وتحميها من عوامل المرض وأخطاء الوفاة. ثم نسيت هذا الهدف، ثم انحسرت لتقتصر على تربية الفرد الصالح -غير المصلح الذي يهيأ منذ الطفولة للانتقال إلى الآخرة دون التدرب على عبور محطة الدنيا. وهذا النموذج في التربية هو الذي ورثته مؤسسات التربية الإسلامية في العصور الحديثة، حيث ما زالت هذه المؤسسات تعمل على أساس أنه: "إذا صلح الفرد صلحت الأمة"، وما زالت مؤسسات التربية الإسلامية التقليدية، والحركات العاملة في ميدان العمل الإسلامي تتقبل هذه المقولة، وتتعامل معها وكأنها آية من آيات الكتاب، وليس كفرضية من الفرضيات البشرية التي قد تثبت، أو لا تثبت بالاختبار والتجريب في مختبر الآفاق والأنفس. فكانت النتيجة العملية لهذه الممارسات التربوية الخاطئة هي تكدس الأفراد المسلمين في أكوان بشرية ليس لديها علوم محددة عن "فقه" بناء الأمم