وإنما ينبغي أن يُحمَلَ الكلامُ على وجهِهِ من التَّأويلِ، ويُلتَمسَ له ـ على ذلك الوجه للإعرابِ في الصَّحةِ ـ مخرجٌ، لا على إحالةِ الكلمةِ عن معناها ووجهِها الصَّحيحِ من التأويل» (?).
* وعن الباقولي (ت: 543) (?)، قال: «قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 4]؛ أي: الذين هم لأجل الطهارةِ وتزكيةِ النَّفسِ عاملونَ الخير.
وليس المرادُ من هذا الكلام أنهم يؤدون الزَّكاةَ؛ لأنَّه لا يقالُ: فعلتُ الزكاةَ، وأنت تريدُ: أدَّيتُ الزَّكَّاةَ.
فإنَّما الزكاةُ: الطهارةُ، كما قال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى *وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15]، وقال: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: 9]؛ أي: طهَّرها من المعاصي، {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 10]؛ أي: من أخملَهَا بالفجورِ والمعاصي.
وأبدًا ينبغي لك أن تُفسِّر القرآن بعضَه ببعض ما أمكنَكَ. ألا ترى أنهم قالوا في قول الله عزّ وجل: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11] إنَّ المعنى: للرسولِ معقِّباتٌ؛ أي: ملائكةٌ من أمرِ اللهِ يحفظونَه من بين يديه ومن خلفِه، كذا فسَّرَ إبراهيمُ النَّخَعيُّ.