ففارَ فائرُ القومِ، وقالوا في هذا: إنه فصل بين الصفةِ والموصوفِ، وقدَّم ظرفَ الصِّفةِ على الصِّفةِ.
فنظرنا في ذلكَ، فإذا إبراهيمُ أخذ هذا التَّفسيرَ من قولِه تعالى: {إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 27]، والرَّصَدُ: الملائكةُ، وهم المعقِّباتُ، يحفظون النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلَّم.
فوجبَ أخذُ التَّفسير من آيةٍ نظيرةِ تلك الآيةِ التي تُفسِّرُها، فإذا ثبتَ هذا وصحَّ، عَلِمْتَ سقوطَ طعنِ الطَّاعنِ في هذه الآية» (?).
وإذا تقعَّدَ ذلك عندك، علمتَ خطأ أبي حيان (ت: 745) في ردِّه الواردَ عن السَّلفِ في تفسيرِ قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24]، بدعوى أن تفسيرَهم لا يُساعدُ عليه كلامُ العربِ.
قال: «والذي رُوِيَ عن السلفِ لا يُساعدُ عليه كلامُ العرب؛ لأنهم قدَّروا جواب «لولا» محذوفًا، ولا يدلُّ عليه دليلٌ؛ لأنهم لم يقدِّروا: لهمَّ بها، ولا يدلُّ كلامُ العربِ إلا على أن يكونَ المحذوفُ من معنى ما قبلَ الشَّرطِ؛ لأنَّ ما قبل الشَّرطِ دليلٌ عليه، ولا يُحذَفُ الشيءُ لغيرِ دليلٍ» (?).
وهذا منه رحمه الله غيرُ سديدٍ؛ لأنَّ هؤلاءِ السَّلفَ ـ الذين يزعم أنَّ