الأول: أن يكونَ الاستثناءُ منقطعًا، ويكونَ المعنى: إنَّ الرسلَ معصومةٌ مغفورٌ لها آمنةٌ يوم القيامةِ، ومن خلطَ عملاً صالحًا وآخر سيِّئًا، فهو يخافُ ويرجو (?).
الثاني: أن يكون المستثنى منه محذوفًا، ويكون المعنى: إنِّي لا يخافُ لديَّ المرسلون، إنما يخاف غيرهم، إلاَّ من ظلمَ، ثمَّ بدَّل حسنًا بعد سوءٍ، فإنه لا يخاف (?).
الثالثُ: أن تكون «إلاَّ» بمعنى «الواو»، ويكون المعنى: لا يخاف لديَّ المرسلون، ولا من بدَّل حسنًا بعد سوءٍ (?).
قال الطبريُّ (ت: 310): «والصَّوابُ من القولِ في قوله: {إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ} عندي، غيرُ ما قال هؤلاء الذين حكينا قولهم من أهل العربيَّةِ، بل هو القولُ الذي قاله الحسنُ البصريُّ وابنُ جُريجٍ ومن قال قولهما، وهو أن قوله: {إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ} [النمل: 11] استثناءٌ صحيحٌ من قولِه: {... لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ * إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ} منهم، فأتى ذنبًا، فإنه خائفٌ لديه من عقوبتِه.
وقد بيَّنَ الحسنُ رحمه الله معنى قيلِ اللهِ لموسى ذلك، وهو قوله: إنما أخفتُك، لقتلكَ النَّفسَ (?) ... وأما الذين ذكرنا قولهم من أهل العربيَّة، فقد قالوا على مذهبِ العربيَّةِ، غير أنهم أغفلوا معنى الكلمةِ، وحملُوها على غير وجهِها من التأويلِ.