المحاجر، الدقاق السوق، البوادي العراقيب. فَلَمَّا قرأ أخو عدي الكتاب أو ابنه حَرَّفَهُ فقرأ على الملك: إن فِي بقر السواد ما يغني الملك، فغضب من ذلك، وحلف ليقتلنَّه، فَلَمَّا بلغ النعمان ذلك هرب حَتَّى أتى بني عبس فأجاروه.
واستعمل كسرى مكانه إياس بْن قبيصة الطائي، وبعث إليه أنْ أجمع جمعًا واغْزُ النعمان. فعلم أنه ليس له ولا بعبس بكتائب الملك طاقة. فأثنى على بني عبس وقال لهم خيرًا، ثُمَّ صار إلى جبلي طيّئ فجعلوا يتحيفون [1] إبله وماله، فتضعضع أمره، فقالت له المتجردة امرأته: الموت خير لمثلك من حياة دنيَّةٍ، إنَّ مثلك لا يعيش هَذِهِ العيشة بعد المُلْك، وليس لك ذنب إِلَى الملك وقد أسأت فِي فرارك عَنْهُ بَديًا وكان ينبغي لك أن تقيم، فتنضح عن نفسك بحجتك وبراءة ساحتك، فقبل رأيها وأهدى إِلَى كسرى نعامًا وأَقَطًا وسمنًا وخيلًا وإبلا مصيونه وحريرًا، وقدم رسله بِذَلِك فأخبروه بعذره واستأذنوه فِي القدوم عليه، فقبل الهدية وأذن له فِي القدوم، فسار حتى وافى ساباط المدائن، فوجد أخبية قد ضُربت وعند كل خباء جارية مزيَّنَة فلما رَأَى ذلك سُرَّ فَقِيل له: انظر هَلْ ترى فِي هَذِهِ الجواري غِنَى للملك عن بقر السواد؟ فأيقن بالشر، ولقيه زَيْد بْن عدي وأخوه فقالا له: يا نُعيم قد هيأنا لك أخيةً [2] لا يقطعها المهر الأَرَنُّ- أي النشيط- فيقال إنه سقي سُمَّا فمات، ويقال حُبس فأُجيع وأُعطش حَتَّى مات، ويقال ألقي للفيلة فوطئته حَتَّى