الْمَدَائِنِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: أغلظ أَبُو الجهم بْن حُذَيْفَة لمعاوية وَقَالَ: أراحنا اللَّه منك، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِلَى مَنْ؟ إِلَى بَنِي زُهْرَةَ؟ فما عندهم بصر وَلا فضل، أم إلى بني مخزوم؟ فو الله لو ولوا مِنَ الأَمْرِ شَيْئًا مَا كَلَّمُوكُمْ كِبْرًا. أَمْ إلى بني هاشم؟ فو الله لو ولّوا لا ستأثروا عَلَيْكُمْ.
وَقَالَ أَبُو الْجَهْمِ: أَمَرَ لِي مُعَاوِيَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ درهم فذممته، فلما ورد يَزِيدُ أَعْطَانِي خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ ابْن الزُّبَيْرِ فَأَعْطَانِي أَلْفًا، فَقُلْتُ: أَبْقَاكَ اللَّهُ، فَإِنَّا لا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيتَ. فَقِيلَ: أتدعو لابن الزُّبَيْر بالبقاء ولم تدع لمعاوية وَلا ليزيد. فقلت: أخشى وَاللَّه أَلا يأتي بعده إِلا خنزير.
وَقَالُوا: كَانَتْ عند أَبِي الجهم بْن حُذَيْفَة: خولة بِنْت القعقاع بْن معبد بْن زرارة بْن عدس، وَهِيَ أم مُوسَى بْن طَلْحَةَ بْن عُبَيْد اللَّهِ، خلف عَلَيْهَا أَبُو الجهم، وكانت لأبي الجهم سرية تسمى زجاجة وَكَانَ محبا لها، فولدت لَهُ سُلَيْمَان بْن أَبِي الجهم وغيره، فمرضت خولة فدخلت عَلَيْهَا امْرَأَة كَانَتْ تطبب فقالت لها: أنت مسحورة، وَمَا سحرك إِلا زجاجة، وليس لك دواء إلا أن تذبحيها وتطلي ساقيك بدمها، ومخ ساقيها، فذكرت ذَلِكَ لأبي الجهم فَقَالَ: افعلي، وبلغ ذَلِكَ ولدها فكلموا أباهم فَقَالَ: وَاللَّه مَا أمكم عندي مثل خولة، وَمَا أنتم عندي كولدها فانطلقوا فأتوا مُحَمَّد بْن أَبِي الجهم فَقَالُوا لَهُ: إن أمك قَالَت كَذَا، وَقَالَ أبوك كَذَا، فَقَالَ: مَا أنا بالذي أخالف أَبِي وأمي، فلما سمعوا ذَلِكَ انطلقوا إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بْن الْخَطَّابِ فكلموه وأخبروه الخبر فَقَالَ: سبحان اللَّه مَا هَذَا بكائن وَلا أقبله، فلقوا الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيّ فأخبروه بما قَالَ ابْن عُمَرَ فَقَالَ: ليس عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ بمغن عنكم شَيْئًا، ولكن ائتوا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن زَيْد بْن الخطاب فأتوه فأخبروه الخبر