فعجب وَقَالَ: مَا كنت أرى أن الجفاء بلغ بأبي الجهم وامرأته هَذَا كله، وبعث ابنا لَهُ إِلَى خولة وَقَالَ لَهُ: قل لها إن أَبِي يقرئك السلام، ويقول: مَا الَّذِي تجدين، وَمَا الَّذِي وصف لك؟ فلما بلغها رسالة أَبِيهِ، قَالَت: إن زجاجة سحرتني وقد وصف لِي دمها ومخ ساقيها، فكثر تعجب عَبْد الرَّحْمَنِ بْن زَيْد من ذَلِكَ، وَقَالَ: انطلقوا فاحملوا أمكم وائتوني بِهَا، فانطلقوا فحملوا أمهم فأنزلها منزل عبيد بْن حنين مولاه، ثُمَّ أتى بنو عَاصِم بْن عُمَرَ فأجابهم إِلَى نصرتهم، وكلموا زَيْد بْن عُمَر بْن الْخَطَّابِ، وأمه أُمُّ كُلْثُومِ بِنْتُ عَليّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأجابهم إِلَى نصرتهم، وكلموا بني المؤمل من بني عدي بْن كعب فأجابوهم إِلَى مثل ذَلِكَ، وبقي آل أَبِي الجهم، وآل عَبْد اللَّهِ بْن مطيع، وآل النعمان بْن عدي بْن نضلة فصار هؤلاء حزبا وهؤلاء حزبا فجعلوا يخرجون فيقتتلون بالعصي وأحيانا بالسيوف، فقيل لأبي الجهم: أدرك ولدك فإنهم يقتتلون، فَقَالَ: دعوا النبع يقرع بعضه بعضا، فلذلك قَالَ الشاعر فِي أبياته فِي ابْن مطيع:
معاودة ضرب الهراوي لقومها ... فرور لعمر اللَّه عند التسايف
ومر عَبْد اللَّهِ بْن مطيع عَلَى بغلة لَهُ فاتبعه فتية من آل عمر منهم:
زَيْد بْن عُمَرَ، وخرج بنو أَبِي الجهم من حوله، وبنو عَبْد اللَّهِ بْن مطيع يريدون عَبْد اللَّهِ بْن مطيع، فتلاحق القوم وتراموا فأصابت زَيْد بْن عُمَرَ رمية، فسقط صريعا، فجعل سُلَيْمَان بْن أَبِي الجهم بْن زجاجة يرتجز لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مطيع:
أنا سُلَيْمَان أَبُو الرَّبِيع ... تفرجوا عَن رجل صريع
أدركه شؤم بني مطيع