وَكَانَ بنو أَبِي الجهم يعيبون عَبْد اللَّهِ بْن مطيع ويسعون مَعَهُ، وَكَانَ مروان بْن الحكم عَلَى الْمَدِينَة وعلى شرطه مصعب بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ، فخرج مروان إِلَى مَكَّةَ فتبعه مصعب وجعل يسير مَعَهُ فبينا هُوَ يسير فِي الموسم إذ أقبل عَبْد اللَّهِ بْن مطيع فدنا من مروان فألح عَلَيْهِ فِي الكلام حَتَّى أغلظ لَهُ عَبْد اللَّهِ، فضرب صخير بْن أَبِي الجهم وجه مصعب، ثُمَّ ركض، فبعث مروان فِي طلبه فلم يقدر عَلَيْهِ، وَقَالَ: لئن قدرت عَلَيْهِ لأقطعن يده، فَقَالَ لَهُ عَبْد اللَّهِ بْن مطيع: لقد أحببت أن يكثر الجدماء فِي قُرَيْش، يعني إنك إن قطعته قطعت أيدي رجال من قُرَيْش، فلما قدموا مَكَّة فقضوا نسكهم، بعث عَبْد اللَّهِ بْن مطيع جارية لَهُ يقال لها خيرة فَقَالَ: تعرضي لمصعب، فتعرضت له فقال لمن أنت؟ قال: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مطيع، فَقَالَ أيبيعك؟ ثُمَّ جاءت فأخبرت مولاها فبعث بِهَا إِلَى مصعب، ثُمَّ ركب عَبْد اللَّهِ بْن مطيع وعَبْد اللَّهِ بْن صفوان بْن أمية إِلَى مصعب فطلبا إِلَيْهِ أن يعفو عَن ضربة السوط، فوهبها لهم، فَقَالَ صخير بْن أَبِي الجهم:

نحن ضربنا بالسياط مصعبا ... عمدا عَلَى خيشومه ليغضبا

لعل حربا بيننا أن تنشبا ... قد ركبت خيرة منه مركبا

ولعبت منه بلهو ملعبا

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أن مُعَاوِيَة قَالَ لأبي الجهم بْن حُذَيْفَة: أين سني من سنك؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ! إِنِّي لأَذْكُرُ دُخُولَ أُمِّكَ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ: أي أزواجها فو الله إِنْ كَانَتْ لَكَرِيمَةَ الْمَنَاكِحِ فَإِيَّاكَ يَا أَبَا الجهم والإقدام بعدي على السلطان [1] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015