صَلَوَاتِكُمْ، وَنَسَكُوا نُسُكَكُمْ. فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: لَيْسَ عَلَيْكَ بَأْسٌ فَدَعَا بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ، فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ الْمَوْتُ، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، انْظُرْ كَمْ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ؟ قَالَ: فَحَسَبَهُ فَوَجَدَهُ سِتَّةً وَثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ وَفَّى بِهَا مَالُ آلِ عُمَرَ فَأَدِّهَا عَنِّي مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَفِ بِهَا أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ فِيهَا بَنِي عَدِيٍّ، فَإِنْ لَمْ تَفِ أَمْوَالُهُمْ فَسَلْ فِيهَا قُرَيْشًا وَلا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقُلْ لَهَا: يُقْرِئُكِ عُمَرُ السَّلامَ وَلا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لَهُمْ بِأَمِيرٍ، وَيَقُولُ: أَتَأْذَنِينَ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، فَأَتَاهَا ابْنُ عُمَرَ فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا ثُمَّ قَالَ: عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَقَالَتْ: كُنْتُ أريده لنفسي ولأؤثرنّه الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي، فَلَمَّا جَاءَ قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: ارْفَعَانِي فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟ قَالَ: أَذِنَتْ لَكَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ انْظُرْ إِذَا أَنَا مُتُّ فَاحْمِلْنِي عَلَى سَرِيرِي، ثُمَّ قِفْ عَلَى الْبَابِ فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَإِنْ أَذِنَتْ لَكَ فَأَدْخِلْنِي، وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَكَ فَادْفِنِّي فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا حُمِلَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ إِلا يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَأَذِنَتْ لَهُ عَائِشَةُ، فَدُفِنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأَبِي بَكْر، وَقَالُوا لَهُ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: اسْتَخْلِفْ، فَقَالَ: لا أَجِدُ أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاءِ النَّفَرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وسعد بن أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَالَ: إِنْ أَصَابَتْ سَعْدًا فَذَاكَ، وَإِلا فَأَيُّهُمُ اسْتُخْلِفَ فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلا خِيَانَةٍ، قَالَ: وَجَعَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مَعَهُمْ يُشَاوِرُونَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ.