فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: اتْرُكُوا أَمْرَكُمْ إلى ثلاثة نَفَرٍ مِنْكُمْ فَجَعَلَ الزُّبَيْرُ أَمْرَهُ إِلَى عَلِيٍّ، وَجَعَلَ طَلْحَةُ أَمْرَهُ إِلَى عُثْمَانَ، وَجَعَلَ سَعْدٌ أَمْرَهُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَائْتَمَرُوا أَمْرَ أُولَئِكَ الثَّلاثَةِ حِينَ جُعِلَ الأَمْرُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَيُّكُمْ يَبْرَأُ مِنَ الأَمْرِ وَيَجْعَلُ الأَمْرَ إِلَيَّ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَلا آلُوكُمْ نُصْحًا، فَأَسْكَتَ الشَّيْخَانُ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ، فَقَالَ عَبْدُ الرحمن: أتجعلانه إلي وأنا أخرج منها فو الله لا آلُوكُمْ عَنْ أَفْضَلِكُمْ وَخَيْرِكُمْ لِلْمُسْلِمِينَ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَخَلا بِعَلِيٍّ فَقَالَ: إِنَّ لَكَ مِنَ القرابة برسول الله والقدم مالك، فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنِ اسْتُخْلِفْتَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنِ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ لَتَسْمَعَنَّ وَتُطِيعَنَّ؟ فَقَالَ:
نَعَمْ. فَخَلا بِعُثْمَانَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: نَعَمْ، فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَالنَّاسُ.
وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَعْرِفُ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلامِ وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَجُبَاةُ الْمَالِ، وَلا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إِلا بِحُقُوقِهِمْ، أَوْ قَالَ: فَضْلُهُمْ عَنْ رِضًى مِنْهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ، وَأَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَعْرَابِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الإِسْلامِ، أَنْ تُؤْخَذَ صَدَقَاتُهُمْ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ، وَذِمَّةِ رَسُولِهِ أَنْ يُوفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَلا يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مَنْ وَرَاءَهُمْ [1] .
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عُمَرَ الأَزْدِيُّ، ثنا زُهَيْرُ بْنُ