غَزْوَانَ الضَّبِّيُّ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ وَاقِفًا عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ وَهُوَ يَقُولُ لَهُمَا: أَتَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَلْتُمَا عَلَى الأَرْضِ مَا لا تُطِيقُ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَقَدْ حَمَلْتُهَا مَا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ وَمَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ. وَقَالَ عُثْمَانُ: لَوْ شِئْتُ لأَضْعَفْتُ مَا عَلَى أَرْضِي، فَجَعَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا مَا لَدَيْكُمَا أَنْ تَكُونَا حَمَلْتُمَا عَلَى الأَرْضِ فَوْقَ طَاقَتِهَا، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ سَلَّمَنِي اللَّهُ لأَدَعَنَّ أَرَامِلَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لا يَحْتَجْنَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدِي أَبَدًا. قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ حَتَّى أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ بَيْنَ الصُّفُوفِ ثُمَّ قَالَ: اسْتَوُوا وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، فَلَمَّا كَبَّرَ طُعِنَ، قَالَ:

فَسَمِعْتُهُ يَقُول قَطَعَنِي الْكَلْبُ، أَوْ قَالَ أَكَلَنِي الْكَلْبُ، وَطَارَ الْعِلْجُ وَمَعَهُ سِكِّينٌ ذَاتُ طَرَفَيْنِ مَا يَمُرُّ بِرَجُلٍ يَمِينًا وَشِمَالا إِلا طَعَنَهُ فَأَصَابَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، مَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا لَهُ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، قَالَ عَمْرٌو: وَمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حِينَ طُعِنَ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدَّمَهُ فَصَلَّوُا الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ صَلاةً خَفِيفَةً، فَأَمَّا أَهْلُ نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَلا يَدْرُونَ مَا الأَمْرُ لأَنَّهُمْ حِينَ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ جَعَلُوا يَقُولُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، قَالَ: فَلَمَّا انْصَرَفُوا كَانَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَالَ سَاعَةً حَتَّى اسْتَثْبَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: غُلامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الصَّنَّاعُ، قَالَ: وَكَانَ نَجَّارًا، فَقَالَ: مَا لَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا. وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي بِيَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: أَمَا أَنَّكَ وَأَبُوكَ كُنْتُمَا تُحِبَّانِ أَنْ يَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا؟ فَقَالَ: بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمُوا بِكَلامِكُمْ، وَصَلَّوْا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015