قَالَ: ويحك، إني إن ثبت ولم أنوه باسمي أقدموا علي فإذا عرفوني لم يقدم علي منهم أحد.
فرجع مجاهد بْن بلعاء فِي الخيل، وَكَانَ عباد صيره خليفته عَلَى الخيل، فرجع فِي عدة من البصريين وجماعة من أَهْل الْكُوفَة من بني تميم، ومضى الباقون فلم يكن لهم ناحية دون البصرة، فَقَالَ عباد لمجاهد: احمل عليهم، فَقَالَ: إني عليك لهين حين تأمرني بالإقدام بالخيل وليس معي رجالة تقيها.
فَقَالَ عباد: فليترجل بعضهم، فترجلوا، وَقَالَ عمر لعباد:
مَا ترى؟ فقد ذهب النَّاس. قَالَ: الصبر. فَقَالَ: مَا شاورتك إلا وأنا أريد أن أسألك أي موتة ترى أن أموت قَالَ: انزل، فنزل عَن برذون لَهُ أشهب أبيض وأقدموا عليهم، فكان عباد يحمل عليهم فيطاعنهم ثُمَّ يرجع فيقول: إنا لله.
وصبروا مليا فسمعوا صارخا يقول: صرع أَمِير الْمُؤْمِنِينَ- يعني أبا فديك- وأطافوا بِهِ فأقبل عمر كأنه جمل هائج قاصدا لمصرع أَبِي فديك وحماه أصحابه حوله، فشدوا عَلَيْهِ بأسيافهم فما انثنى حَتَّى أخذ برجل أَبِي فديك فسحبه والدم يسيل من كمه والسيوف تأخذه، فذب عنه عباد بْن الحصين والمغيرة بْن المهلب وسنان بْن سلمة ومحمد بْن موسى ومجاهد بْن بلعاء حَتَّى أفرجوا عنه وانحازوا وإن رجل أَبِي فديك لفي يده، فَقَالَ: احتزوا رأسه فاحتزوه وبعث بِهِ من ساعته إِلَى البصرة.
واتبع ابْن بلعاء الخوارج، ثُمَّ رجع ومضى الخوارج إِلَى المشقر، فوجه عمر بْن عبيد اللَّه إليهم مجاهد بْن بلعاء وبيهس بْن صهيب الجرمي