ثُمَّ تكلم نعيم بْن مسعود فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنا كنا أمس زبيريين فقد أصبحنا مروانيين، فأقلل العتاب، وأكرم الغلبة، وأقل بعفوك العثرة.
ثُمَّ تكلم قيس بْن الهيثم فَقَالَ: إنا لسنا بالحلو المأكول، ولا بالمر الملفوظ، ولا عفوك بمنكر، ولا عقابك بحتم، قد والله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قارعناك عَن الدين والدنيا جميعا، فليسعنا مَا لم يضق عَن غيرنا من عفوك، فمثلنا أسديت إِلَيْهِ العارفة فشكرها، واتخذت عنده الصنيعة فعرفها قَالَ:
فرضي عنهم وأسني جوائزهم.
الْمَدَائِنِيّ قَالَ: أنشد عَبْد اللَّهِ بْن الزُّبَيْرِ قول أنس بْن زنيم فِي مصعب حين تزوج عائشة:
بضع الفتاة بألف ألف كامل ... ويبيت أرباب الجيوش جياعا
لو أنني عمرا أقول مقالتي ... وأبثه مَا قد أرى لارتاعا
فَقَالَ عَبْد اللَّهِ: صدق إن مصعب قدم أيره وأخر خيره، فبلغ عَبْد الْمَلِكِ قوله فَقَالَ: لكنه أخر أيره وخيره.
الْمَدَائِنِيّ عَن علي بْن حماد قَالَ: أجرى عَبْد الْمَلِكِ الخيل فحمل مسلمة عَلَى فرس، وكانت أمه أم ولد فجاء سابقا، فَقَالَ لمصقلة بْن رقبة العبدي:
إن صاحبكم لقليل المعرفة بأولاد أمهات الأولاد حين يقول:
نهيتكم أن تحملوا هجناءكم ... عَلَى خيلكم يوم الرهان فتدركوا
وما يستوي المرآن هذا ابْن حرة ... وهذا ابْن أخرى بطنها متشرك
ترعد كفاه ويسقط سوطه ... وتفتر فخذاه فلا يتحرك
وتدركه أعراق سوء ذميمة ... ألا إن عرق السوء لا بد مدرك