فَقَالَ الشَّعْبِيّ: وقد أحسن لبيد أيضا حين يقول:

كأني وقد خلفت تسعين حجة ... خلعت بِهَا عَن منكبي ردائيا [1]

قَالَ: ففكر عَبْد الْمَلِكِ ثُمَّ أنشد:

إذا مَا سلخت الشهر أهللت مثله ... كفى قاتلا سلخي للشهور وإهلالي

قَالَ: ولما قتل مصعب واستقام الأمر لعَبْد الْمَلِكِ دخل عَلَيْهِ عمر بْن عبيد اللَّه بْن معمر، وسويد بْن منجوف، ونعيم بْن مسعود التميمي، وقيس بن الهيثم السلمي بعد أن حبسهم عَلَى بابه حينا، فَقَالَ عَبْد الْمَلِكِ:

إنكم سعيتم مَعَ الشيطان فكنتم حزبه، فلما نكص نكصتم، ولم يبق أحد ممن شب نار الفتنة وسعى فِي الفرقة، وشتت الألفة إلا أحدث من جرمه توبة، وظهرت منه إنابة غير قتادة فكففنا عنه العقوبة أفما ترضون أن تكونوا إسوة من أبصر بعد العمى، وعرف بعد الجهل واستحق بالإنابة العفو؟

فتكلم سويد بْن منجوف فَقَالَ: إنا كنا وزراء فأصبحنا أعجازا، فخذ بالتي هي أحسن ذكرا، وأبقى جمالا.

ثُمَّ قَالَ عمر بْن عبيد اللَّه: والله مَا نعتذر إليك من معصية، ولا نتوسل إليك بطاعة، ولقد ولينا لعدوك الأعمال، وكسبنا الأموال، وقتلنا الرجال ولأن نكون كنا عَلَى ضلال، فأصبحنا عَلَى هدى، خير من أن نكون عَلَى هدى ثُمَّ نصبح عَلَى ضلال فإن تصطنعنا نكن لك كما كنا لمن كَانَ قبلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015