فَأُنْشِدَ مُعَاوِيَةُ الشِّعْرَ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ: «وَلَمْ يَكُنْ أَبُوكَ الَّذِي مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ يُخَاطِبُهْ» قَالَ: صَدَقَ وَاللَّهِ، مَا كَانَ قَدْرُهُ أَنْ يُخَاطِبَهُ أَبِي.
وَزَعَمُوا «1» أَنَّ الْفَرَزْدَقَ كَانَ بَاعَ جَمَلا وَصَرَّ ثَمَنَهُ، فَعَيَّرَهُ رَجُلٌ بَصُرَهُ وَقَالَ: (732) لَوْ كُنْتَ كَرِيمًا مَا صَرَرْتَ هَذَا الصَّرَ، فَرَمَى بِالدَّرَاهِمِ وَنَثَرَهَا حَتَّى انْتَهَبَهَا النَّاسُ، وبلغ ذلك زيادا فقال: هذا أحمق يغري «2» النَّاسَ بِالنَّهْبِ، فَطَلَبَهُ فَلَمْ يُوجَدْ وَبَلَغَهُ هَذَا الشِّعْرُ فَقَالَ: مَنْ صَاحِبُهُ؟ فَقِيلَ: الَّذِي نَثَرَ الدَّرَاهِمَ، فَجَدَّ فِي طَلَبِهِ، فَكَانَ يَهْرُبُ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكُوفَةِ، وَمِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ زِيَادًا كَانَ يَأْتِي هَذِهِ مَرَّةً وَهَذِهِ مَرَّةً.
وَكَانَ الْمَنْصُورُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا ذَكَرَ شِعْرَ الْفَرَزْدَقِ فِي مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ مُعَاوِيَةَ «3» وَرَأْيَهُ، مَا كَانَ هَذَا لِحِلْمٍ «4» وَمَا كَانَ إِلا ضَعْفًا.
298- الْمَدَائِنِيّ قَالَ، قَالَ ابن أم الحكم ليزيد بْن مُعَاوِيَة: خالي من قريش وخالك من كلب، فشكاه يزيد إلى مُعَاوِيَة، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: قل له فجئني بأب مثل خالك.
299- ولما مات سَعِيد بْن العاص قَالَ مُعَاوِيَةُ لعمرو بْن سَعِيد: إلى من أوصى بك أبوك؟ قال: أوصى إلي ولم يوص بي، فَقَالَ: إنه الأشدق.
300- حَدَّثَنِي عَبَّاس بْن هِشَام الكلبي عن أبيه عن عَوَانَةَ، وَذَكَرَهُ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: يَا بَنِي هَاشِمَ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَلَّدْتُمْ مِنْ دَمِ عُثْمَانَ كَفَرْمِ الإِمَاءِ الْعَوَارِكَ، وَأَطَعْتُمْ فُسَّاقَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي عَيْبِهِ، وَأَجْزَرْتُمُوهُ مُرَّاقَ