أَهْلِ مِصْرَ، وَآوَيْتُمْ قَتَلَتَهُ، وَإِنَّمَا نَظَرَ النَّاسُ إِلَى قُرَيْشٍ، وَنَظَرَتْ قُرَيْشٌ إِلَى بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، وَنَظَرَ بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِمُعَاوِيَةَ: مَا تَكَلَّمَ عَمْرٌو إِلا عَنْ رَأْيِكَ، وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ لا يَتَكَلَّمَ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ لأَنْتُمَا، أَمَّا (?) أَنْتَ يَا مُعَاوِيَةُ فَزَيَّنْتَ لَهُ مَا صَنَعَ، حَتَّى إِذَا حُصِرَ طَلَبَ نَصْرَكَ، فَأَبْطَأْتَ عنه وَتَثَاقَلْتَ وَأَحْبَبْتَ قَتْلَهُ، وَتَرَبَّصْتَ لِتَنَالَ مَا نِلْتَ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَمْرُو فَأَضْرَمْتَ الْمَدِينَةَ عَلَيْهِ نَارًا، ثُمَّ هَرَبْتَ إِلَى فِلَسْطِينَ، فَأَقْبَلْتَ تُحَرِّضُ عَلَيْه الْوَارِدَ وَالصَّادِرَ، فَلَمَّا بَلَغَكَ قَتْلُهُ دَعَتْكَ عَدَاوَةُ عَلِيٍّ إِلَى أَنْ لَحِقْتَ بِمُعَاوِيَةَ، فَبِعْتَ دِينَكَ مِنْهُ بِمِصْرَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: حَسْبُكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، عَرَّضَنِي لَكَ وَنَفْسَهُ فَلا جُزِيَ خَيْرًا.
301- الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَرَادَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مِصْرَ طُعْمَةً وَيُبَايِعَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنِّي لا أُحِبُّ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ إِنَّكَ إِنَّمَا بَايَعْتَنِي عَلَى تَأْمِيرٍ لَكَ وَشَكْمٍ، فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِيَوْمِ مَسْأَلَةٍ، وَقَدْ تَدَانَتِ الأُمُورُ بِكَ فَلا تَدْبُرَنَّ بَعْدَ إِقْبَالِهَا، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا مَرْوَانُ قَدِمْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَأَمْرُهُ زَلِقٌ دَحْضٌ مُنْفَرِجٌ انْفِرَاجَ الْقَتَبِ (?) ، فَمَا بَرِحْتُ أُبْرِمُهُ قُوَّةً بَعْدَ قُوَّةٍ حَتَّى تَرَكْتُهُ عَلَى مِثْلِ دَائِرَةِ الْفُلْكَةِ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنْ تَرَكْتُهُ وَالشُّبَهَ الْمُشْكِلاتِ لَتَهِنَّنَّ (?) قُوَاهُ حَتَّى يُدْبِرَ عَنْهُ مَا قَدْ تَدَانَى مِنْهُ، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ يَكُنِ اللَّهُ قَدْ سَهَّلَ بِكَ أَمْرًا، فَمِثْلُكَ سَهَّلَ اللَّهُ بِهِ الْوَعْرَ وَأَعَانَ بِهِ عَلَى حُسْنِ الْعَاقِبَةِ، فَقَارِبْهُ فَإِنَّهُ مُؤَاتِيكَ، ثُمَّ قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّ الأُمُورَ قَدْ لَزِمَ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَاكْمِشْ أَمْرَكَ، وَاكْتُبْ لَهُ بِمَا أَرَادَ، فَلَيْسَ مِثْلُ عَمْرٍو يُبْخَلُ عَلَيْهِ بِالْجَزِيلِ يَطْلُبُهُ، فَكَتَبَ لَهُ، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِلْكَاتِبِ (?) : اكْتُبْ لا يَنْقُضُ (?)
شَرْطَ طَاعَةٍ، فَقَالَ عَمْرٌو: لا وَلَكِنِ اكْتُبْ وَلا تَنْقُضُ طَاعَةً شَرْطًا.
فَلَمَّا قُتِلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بمصر، غلب عمرو عليها،